من الطبيعي، في ظل التوجّه إلى بلد لديه ظروف خاصة، على الصعيد الدولي، أن لا تكون رحلة مشابهة لرحلات أخرى، فالدخول إلى كوريا الشمالية لديه ممر واحد هو الصين. والوصول إلى العاصمة بيونغ يانغ لا يمكن أن يحصل بالطرق العادية، إذ يمكنك الوصول الى بكين عبر أكثر من بلد وبواسطة أكثر من خط طيران. لكن الوصول إلى بيونغ يانغ محصورٌ بخط طيران واحد هو الكوري الشمالي.هذا الأمر فرض معطيات معينة على المسؤولين عن المنتخب، وفي الوقت عينه ترتّبت عليه مشقات جمّة قبل الوصول إلى الوجهة النهائية.

مشقات أثارت الكثير من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء المعاناة التي عاشتها البعثة والتي كان بكل بساطة يمكن اختصارها بمجموعة خطوات استباقية تجنب الجميع الكثير من السلبيات التي فرضتها الظروف.
مدير المنتخب فؤاد بلهوان هو المسؤول الرئيسي عن تنظيم الرحلة على الصعيد الإداري واللوجستي، وبالتالي هناك الكثير من الأسئلة التي توجّه إليه حول ما شهدته الرحلة، وأولها خط السير. ففي ظل صعوبات السفر، وبُعد المسافة، قد يكون السؤال البديهي هو: لماذا لم يتم تأمين طائرة خاصة لبعثة المنتخب كما حصل سابقاً في رحلة إلى أوزبكستان ضمن تصفيات كأس العالم 2014؟
يأتي الجواب سريعاً: غياب المال، فمصاريف السفر العادية تم تأمينها بصعوبة، وعلى حساب عدم دفع مكافآت الفوز على ماليزيا في المباراة السابقة «كنا مجبرين على تأمين مبلغ 55 ألف دولار نقداً لتغطية كلفة البطاقات من بكين إلى كوريا ذهاباً وإياباً بكلفة 20.400 دولار.

لماذا لم يتم تأمين طائرة خاصة كما
حصل سابقاً في رحلة إلى أوزبكستان؟

أضف إليها ما يقارب ثلاثين ألف دولار مصاريف أخرى، ما فرض تأمين هذا المبلغ كأولوية قبل السفر إلى كوريا».
وفي ظل غياب دعم الدولة وتجاهلها لواجباتها، لم يكن بإمكان اتحاد كرة القدم تأمين كلفة طائرة خاصة الى كوريا، حيث أفاد مسؤول العلاقات العامة في الاتحاد محمود أبو النجا، والذي يعمل في مجال الطيران، بأن كلفة الطائرة الخاصة الى كوريا لا تقل عن 200 ألف دولار، إضافة إلى صعوبات في تأمين أذونات السفر، إذ إن عدداً من الشركات لا يحبّذ السفر إلى هناك.
إذاً، من الصعب الحديث عن طائرة خاصة، في ظل غياب الدعم الرسمي المالي، وعدم القدرة على تأمين هذه الطائرة فرض على البعثة أن يكون لديها محطة استراحة، فكان معسكر أبو ظبي نظراً إلى حتمية المرور بالإمارات كون «طيران الاتحاد» هو الأنسب للبعثة اللبنانية.
وهنا يبرز السؤال الثاني: هل من المعقول إقامة معسكر في بلدٍ خليجي في عزّ الصيف، ولماذا لم تكن الصين مكاناً له؟
يجيب بهلوان أنّ الاتحاد حجز فنادق وملاعب في بكين تمهيداً لإقامة المعسكر هناك، لكن المشكلة كانت في عدم القدرة على تأمين التأشيرات لحتمية وجود اللاعبين في لبنان وخضوعهم لبصمة العين في السفارة الصينية «ونظراً إلى وجود أكثر من لاعب خارج لبنان لم يكن بالإمكان تأمين هذه التأشيرات».
لكن، لماذا لم يتم تدارك الأمر خلال فترة سابقة؟
«هناك ثلاثة لاعبين لا يقيمون في لبنان وهم: حسن (سوني) سعد، عمر شعبان وهلال الحلوة. وهؤلاء لعبوا مع المنتخب في ماليزيا وغادروا من هناك إلى بلدانهم ولم يحضروا إلى لبنان منذ فترة طويلة لا تسمح بتحضير تأشيرات لهم «إذ لا يمكن استصدار تأشيرة دخول قبل أشهر من موعد المعسكر».
ويلخّص بهلوان ما حصل بحلّ يريح أي بعثة تريد الذهاب إلى كوريا الشمالية وهي الطائرة الخاصة، بغض النظر عن كلفتها، فتأمينها يمنح البعثة ساعات سفر أقل وإمكانية الحصول على وزن أكثر وبالتالي تأمين جميع مستلزمات المنتخب من طعام وتجهيزات وأمور لوجستية أخرى. كما أنه يوفّر مصاريف فرضتها محدودية الوزن لدى شركات الطيران، وهو ما كبّد المنتخب مصاريف إضافية.
«أما عدم تأمين طائرة خاصة، فالمشكلات ستبقى عينها لدى التوجه إلى أي بلد بعيد. وهو ما حصل معنا في رحلة ماليزيا التي كانت مشابهة لرحلة كوريا من ناحية حتمية معسكر خليجي والحاجة إلى أكثر من طائرة قبل الوصول الى مدينة جوهور الماليزية، لكن حينها لم تُثر هذه الضجة التي أثيرت حالياً» يضيف.