احتفل الكاتالونيون، أمس، بيومهم الوطني، «لا ديادا»، في تظاهرات حاشدة كما في كل عام منذ 2012، أما المختلف هذه السنة فهو استغلال الانفصاليين لذلك التاريخ بهدف إظهار حجم قوتهم وتأكيد استمرارهم بالاستفتاء الجدلي الذي سيجرى بعد ثلاثة أسابيع، في مقابل عرقلة الحكومة المركزية له.
ويعتبر «الانفصاليون» أن «لا ديادا» الذي احتفلوا به أمس، قد يكون الأخير قبل الاستقلال الذي تريد حكومة كارليس بيغديمونت إعلانه في الساعات الـ 48 التي تلي الاستفتاء في الأول من تشرين الأول المقبل، في حال حصولها على تأييد الأغلبية. وبالرغم من معارضة مدريد الشديدة، إلا أن بيغديمونت أصر، أمس، على أنه لا يزال هناك «20 يوماً والتعبئة التي كانت وراء هذه العملية ثابتة». وتابع رئيس إقليم كاتالونيا أن «عدم إجراء الاستفتاء ليس خياراً بالنسبة إلينا»، رغم وصول التوتر مع الحكومة المركزية إلى درجات خطرة مع إصدار المحكمة الدستورية الإسبانية، الأسبوع الماضي، قراراً بتعليق الاستفتاء بعد طعن قضائي من رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي.
وتتفاوت النسب الصادرة عن الصحف بشأن تأييد الانفصال والاستفتاء، إذ يبدو أن الصحافة الإسبانية دخلت في «حرب» بروباغندا، يتنازع فيها المؤيدون والمعارضون. وكتبت صحيفة «إل بايس» المناهضة للانفصال أنّ «الانفصاليين يستخدمون الشارع للترويج لاستفتاء غير قانوني»، بينما أشارت «إل موندو» المناهضة له أيضاً إلى استطلاع يظهر أن «60 في المئة من الإسبان يطالبون بوقف الاستفتاء». في الضفة المقابلة، وضعت صحيفة «إل بونت أفوي» على صفحتها الأولى صورة لمجموعة من الأشخاص يرتدون العلم الكاتالوني مع عنوان عريض: «جاهزون لتحديد قرارهم».
وبين استطلاع نشرته مجلة «بوليتيكو» الأوروبية، نقلاً عن مركز «إيستوديس دوبينوين» أن 67.5 في المئة يؤيدون أن تكون كاتالونيا دولة مستقلة عن إسبانيا، فيما أظهر استطلاع آخر عن «العلاقة المثالية مع إسبانيا بالنسبة إلى الكاتالونيين» أن 34.7 في المئة في حزيران 2017 يؤيدون الاستقلال التام عن مدريد.
ونشرت «إل بايس» استطلاعاً أمس، لمؤسسة «ميتروسكوبيا»، يبين أن 56 في المئة من الكاتالونيين «لا يعتبرون الاستفتاء قانونياً وصحيحاً». ووفق الاستطلاع، فإن نسبة مماثلة تؤيد «حل التفاوض» بين الحكومة المركزية والمطالبين بالانفصال، بينما يرى 82 في المئة أن طريقة تعامل ماريانو راخوي مع الأزمة كانت خاطئة وعززت موقع الانفصاليين بدل إضعافه.
وفي مقال للصحيفة نفسها عن «الأغلبية الصامتة المعارضة للاستقلال في كاتالونيا»، اعتبر ميغيل آغيلار، وهو ناشر في برشلونة، أن ما يجري «ليس حرباً بين برشلونة ومدريد أو بين الكاتالونيين والإسبان، بل هي حرب بين الكاتالونيين أنفسهم. نصف كاتالونيا تريد إخضاع النصف الآخر لإرادتها».

تتفاوت نسب استطلاعات الرأي بشأن تأييد الانفصال أو الاستفتاء

موقف مماثل عبّرت عنه رئيسة فرع الحزب الليبرالي «سيودادانوس» في كاتالونيا، وهو أكبر قوة معارضة للانفصال، بقولها أمس إن «اليوم الوطني لم يعد هو نفسه لكل سكان كاتالونيا منذ سنوات. إنه دليل واضح على السعي إلى استبعاد الأشخاص غير المؤيدين للاستقلال ويعتزمون التصويت بـ لا».
من جهته، قدّم رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، أمس، عبر موقع «تويتر» تمنياته بعيد «حرية وتعايش واحترام لكل سكان كاتالونيا»، وذلك بعدما كرر، قبل يومين، قوله إن «الاستفتاء لن يحصل وسأقوم بكل شيء لازم من أجل ذلك، لأن هذا واجبي».
في الأثناء، بدأت السلطات الإسبانية التحرك لمنع الاستفتاء في كاتالونيا التي تعد 7.5 ملايين نسمة، وتوازي مساحتها مساحة بلجيكا وتشكل 20 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي الإسباني. وفتح القضاء الأسبوع الماضي تحقيقاً استهدف رئيس كاتالونيا وأعضاء حكومته لمعرفة ما إذا كانوا قد ارتكبوا جنح «عصيان واختلاس أموال عامة». ودهم الحرس المدني مطبعة ومكاتب صحيفة «إل فايينك» في مدينة فالس في إقليم كاتالونيا، بعد الاشتباه بطبعها بطاقات متعلقة باستفتاء تقرير المصير المحظور.
يأتي ذلك فيما أكدت رابطة البلديات المستقلة أنه من أصل 948 بلدية في كاتالونيا، «أعلنت 674 منها دعمها للاستفتاء». لكن برشلونة، عاصمة كاتالونيا التي تعدّ وحدها 1.6 مليون نسمة، رفضت أن تكشف ما إذا كانت ستفتح مكاتبها للتصويت، طالبة من الحكومة الإقليمية مزيداً من المعلومات.
وانتقدت رئيسة بلدية برشلونة اليسارية، آدا كولو، في وقت سابق، «عدم قدرة أو غياب إرادة» راخوي لناحية إيجاد «حل سياسي لصراع سياسي»، لكنها دعت الزعماء الانفصاليين بطريقة غير مباشرة إلى «تغليب الهدف على الوسائل» و«ترك نصف كاتالونيا جانباً». وقرر تحالف اليسار الذي تنتمي إليه كولو، قبل يومين، التشاور مع أعضائه لاتخاذ قرار «المشاركة أو عدمها في تحرك الأول من تشرين الأول».
(الأخبار، أ ف ب)