من جديد، دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، الألمان من أصول تركية إلى توجيه «صفعة» للتحالف الحاكم الذي تقوده المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل في انتخابات أيلول، في استمرار لما اعتبرته برلين «تدخّلاً استثنائياً» في شؤونها.
وشدّد الرئيس التركي على ضرورة دعم الألمان-الأتراك لـ«الطرف الصديق لتركيا»، داعياً إياهم إلى عدم القلق «إذا كان حزباً صغيراً، امنحوه أصواتكم وسينمو ويكبر». ورأى في خطاب متلفز موجه إلى أنصار حزبه الحاكم «العدالة والتنمية» في إسطنبول أنه «يجب توجيه صفعة إلى أولئك الذين يهاجمون تركيا بهذه الطريقة في الانتخابات».
وفي وقت سابق، كان الرئيس التركي قد أثار استياء برلين عبر حضّه الأتراك الذين يحملون الجنسية الألمانية على عدم التصويت لحزب «الاتحاد المسيحي الديموقراطي» الذي تتزعمه ميركل أو «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» أو «حزب الخضر» في الانتخابات التشريعية. وقد وصف وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابريال، الذي ينتمي إلى «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» تصريحات أردوغان بأنها «تدخل استثنائي في سيادة بلادنا». ودفع ذلك الرئيس التركي إلى الرد على وزير الخارجية الألماني، أول من أمس، بقوله له إن «عليك التزام حدودك».

امتدت حملة
أنقرة على
معارضيها إلى داخل الاتحاد الأوروبي

من جهتها، انضمت النمسا إلى جارتها ألمانيا في التنديد بتصريحات أردوغان قبيل الانتخابات المرتقبة في البلدين العضوين في الاتحاد الأوروبي. وانتقد وزير خارجية النمسا، سيباستيان كورتس، أردوغان في مقابلة مع صحيفة «دي فيلت أم زونتاج»، نشرت أمس. واتهم كورتس، الذي يخوض الانتخابات على منصب المستشار في تشرين الأول، أردوغان بمحاولة تحريض الأتراك المقيمين في الخارج، معتبراً أنه «يحاول استغلال الجاليات التركية، خاصة في ألمانيا والنمسا. إنه يثير الاستقطاب ويجلب النزاعات التركية إلى الاتحاد الأوروبي». وندد «بالتدخل المستمر لأردوغان في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهذا لا يحدث في ألمانيا وحدها».
وامتدت حملة أنقرة على معارضيها إلى داخل الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، عندما اعتقلت إسبانيا، بناءً على مذكرة اعتقال دولية أصدرتها تركيا، كاتباً ألمانياً من أصل تركي، ما أثار رد فعل غاضباً من برلين. لكن محكمة إسبانية أفرجت، أمس، عن الكاتب دوغان أخانلي، وفق ما أعلن محاميه إلياس أويار الذي قال إن «المعركة جديرة بأن تخاض»، موضحاً أن الكاتب «أفرج عنه شرط بقائه في مدريد». وكانت وزارة الخارجية الألمانية قد أعلنت توقيف أخانلي وطالبت مدريد بعدم تسليمه لأنقرة. وقالت إن هذا الطلب نقلته سفارة ألمانيا إلى السلطات الإسبانية «على مستوى دبلوماسي رفيع». كذلك، طلبت السلطات الألمانية من الحكومة الإسبانية السماح «بتقديم مساعدة قنصلية في أسرع وقت» للكاتب بعد توقيفه.
وفي وقت سابق، أعلن النائب عن «حزب الخضر»، فولكر بيك، توقيف الكاتب، معتبراً أن هذا الأمر يدل على أن الرئيس التركي يريد «بسط سلطته خارج حدود بلده وترهيب الأصوات المنتقدة وملاحقتها في جميع أنحاء العالم». من جهته، قال وزير الخارجية الألماني، أمس، بعد الإفراج المشروط عن أخانلي إنه «أمر رهيب أن تنجح تركيا في توقيف أصوات ضد أردوغان، حتى في الجانب الآخر من أوروبا».
ووفق صحيفة «كولنر شتات إنتسايغر»، فإن أخانلي الذي يعيش منذ عام 1992 في كولونيا غرب ألمانيا، كتب ثلاثية تتحدث عن إبادة الأرمن، وهو ملاحق في تركيا. وقد واجه الكاتب مشاكل مع القضاء التركي من قبل، فبعد الاشتباه بتورطه في عملية سطو عام 1989، أوقف عام 2010 عند وصوله إلى اسطنبول، لكن أُفرج عنه وبُرِّئ قبل أن تأمر محكمة للاستئناف بإجراء محاكمة جديدة.
وتشهد العلاقات بين تركيا وألمانيا توتراً منذ محاولة الانقلاب التي جرت في 15 تموز 2016، خصوصاً أن السلطات الألمانية تقول إن هناك عشرة مواطنين ألمان بعضهم أتراك أيضاً، معتقلين في تركيا. وكانت برلين قد انتقدت أنقرة على خلفية حجم حملة القمع التي نفذتها الأخيرة في أعقاب محاولة الانقلاب. من جهتها، تتهم أنقرة السلطات الألمانية بعدم تسليمها مشتبهاً فيهم تتهمهم بالتخطيط لمحاولة الانقلاب، فروا إلى ألمانيا.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)