بعدما أعلن رئيسه فرنسوا هولاند عدم ترشحه لرئاسة الجمهورية لمرة ثانية، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس، في خطوة كانت متوقعة، ترشحه للرئاسة عن «الحزب الاشتراكي» أمس، مقدماً استقالته كرئيس للحكومة، اليوم.
ومن منطقة إيفري الباريسية، معقله الانتخابي أعلن فالس، الذي التقى في وقت سابق رئيس الجمهورية، أنه سيقود «اليسار إلى الفوز». ومع أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه المرشح المفضل لناخبي اليسار، إلا أن حظوظه في الوصول إلى الرئاسة ضعيفة. هذا لم يمنع فالس الذي قال في عام 2014 إنه «يجب الانتهاء من اليسار المتمسك بالحنين إلى ماضٍ مضى»، من التأكيد أن لا شيء يمنع فوز اليسار في الرئاسة وأنه ليس بالضرورة أن يفوز مرشح اليمين، فرنسوا فيون، صاحب الحظوظ الأكبر في المعركة الانتخابية.
وينظم «الحزب الاشتراكي» انتخابات تمهيدية في 22 و 29 كانون الثاني المقبل لاختيار مرشحه للاقتراع الرئاسي الذي سيجري في أيار. وحتى في حال الفوز في الانتخابات التمهيدية، ستبقى الطريق مليئة بالعراقيل أمام مرشح الحزب الاشتراكي الذي قد يجد نفسه عالقاً بين زعيم أقصى اليسار جان لوك ميلانشون، ووزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون الذي يميل أكثر إلى الوسط. وقد رفض الاثنان المشاركة في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح اليسار.

تحدي فالس هو بمواصلة تخفيف الجوانب المثيرة
للانقسام في خطابه

وقال فالس أمس في خطاب إعلان ترشيحه إنه يريد «فرنسا حرة، متينة تجاه مبادئها، في مواجهة صين كزي جين بينغ، وروسيا فلاديمير بوتين، وأميركا دونالد ترامب، وتركيا رجب طيب أردوغان»، متابعاً: «أنا مرشح لأن على فرنسا أن تدخل بثقل في عالم لا يشبه ما كان عليه» وفيه مشاكل مثل «الإرهاب والاحتباس الحراري وصعود اليمين المتطرف...». ودعا فالس في خطابه أيضاً، متوجهاً لليسار، إلى «الوحدة»، متابعاً أن مهمته توحيد الصفوف لأن «فرنسا بحاجة إلى اليسار»، وذلك بعدما كان يتحدث سابقاً عن «تيارين يساريين لا يمكن التوفيق بينهما».
من هنا، فإن التحدي أمام فالس بعد ترشحه هو مواصلة تخفيف الجوانب المثيرة للانقسام في خطابه وتأمين تحالفات جديدة. ويحاول رئيس الوزراء منذ سنوات فرض برنامج «أكثر حداثة» لليسار، لكن خطابه المؤيد لأوساط الأعمال ودفاعه عن علمانية متشددة تثير انزعاج قسم من معسكره. وقال النائب فيليب دوسيه، وهو أحد داعمي فالس، إنه «يجب أن يصمت مانويل فالس حول عدد من الأمور». من جهته، رأى السكرتير الأول لـ«الاشتراكي» جان كريستوف كامبادليس، أن على فالس «بكل محبة، أن يعتمد موقفاً جديداً جامعاً... يجب أن يحافظ على ما هو عليه، لكن في الوقت نفسه تقديم أفق جديد».
على الرغم من الجدل المثار حول عهد هولاند، وعد فالس خلال زيارة لشرق فرنسا، نهاية الأسبوع الماضي، «بالدفاع» عن حصيلة حكم الرئيس هولاند. من جانبه، رأى أرنود مونتبورغ، وهو المرشح الوحيد من «الحزب الاشتراكي» الذي أعلن مشاركته في الانتخابات التمهيدية، أول من أمس، أن هولاند وفالس يعتمدان السياسة نفسها. وبالنسبة إلى النائب الإشتراكي، لوران بوميل، الذي يدعم أرنود مونتبورغ في الانتخابات، فإن التحدي الأساسي أمام فالس الآن في حملته هو «إخفاء سجل ليس لهولاند فقط، بل سجله الخاص أيضاً».
الآن ومع فراغ مركز رئاسة الوزراء، فإن أسماء عديدة مطروحة لخلافة فالس، منها وزراء الداخلية برنار كازنوف والدفاع جان إيف لودريان والزراعة ستيفان لوفول والصحة ماريسول توريان ووزيرة التعليم نجاة فالو ــ بلقاسم. ورجحت مصادر وزارية أن يتولى كازنوف رئاسة الحكومة، مشيرة إلى أن ليس هناك «من بديل».
ومع وجود يسار مفكك بعد ولاية هولاند، تشير استطلاعات الرأي إلى أن مرشح اليمين فرنسوا فيون، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، سيصلان إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وسيُستبعَد اليسار اعتباراً من الدورة الأولى كما حصل عام 2002.
(الأخبار، أ ف ب)