تحت عنوان «العدالة»، شارك الآلاف، أمس، بمسيرة في العاصمة التركية أنقرة، محتجين على الحكم بالسجن 25 عاماً على النائب في «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أنيس بربر أوغلو، الذي أدين بالتجسس.
وقد صدر الحكم بحق بربر أوغلو الذي كان رئيس تحرير صحيفة «حرييت» قبل أن يتوجه إلى العمل السياسي، بعد اتهامه بإمداد صحيفة «جمهورييت» بمقطع فيديو يظهر جهاز المخابرات التركي وهو يرسل أسلحة إلى سوريا عبر الحدود في كانون الثاني 2014. لكن المعارضة تجد القرار بحق بربر أوغلو «قراراً سياسياً» ويدخل في إطار حملة القمع التي يقوم بها «حزب العدالة والتنمية» ضد معارضيه.
وبعد إصدار الحكم بحقه وقبل دخوله السجن، علّق بربر أوغلو قائلاً إنه حكم «من دون دليل» وسيدخل إلى السجن ثم «سأخرج وسأُدخِل من أصدروا الحكم بحقي إلى المحكمة»، معتبراً أن «الصحافة هي التي تحاكم».
وأطلق «حزب الشعب الجمهوري»، أمس، مسيرة لمسافة 425 كيلومتراً، هي المسافة بين أنقرة وسجن إسطنبول الذي فيه يقبع بربر أوغلو، يشارك فيها رئيس «الشعب الجمهوري»، كمال كيليتشدار أوغلو، الذي تعهد بقطع تلك المسافة سيراً على الأقدام، والتي قد تستغرق 20 يوماً على الأقل. وقال إنّ «مسيرتنا ستستمر حتى يسود العدل في هذا البلد».

رفع التوقيف
المؤقت عن رئيس تحرير «جمهورييت»

ومن متنزّه في وسط أنقرة، تجمع المشاركون في المسيرة بقيادة كيليتشدار أوغلو، ملوحين بالأعلام التركية ومرتدين قمصاناً كتب عليها كلمة «عدالة»، بالإضافة إلى صور لمؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك.
ويحاكم في إطار هذه القضية أيضاً الصحافيان رئيس تحرير «جمهورييت» جان دوندار، وإرديم غول، فيما كان الرئيس رجب طيب أردوغان، قد توعد دوندار سابقاً بأنه «سيدفع ثمناً باهظاً» نتيجة نشر صحيفته الفيديو بشأن إرسال الحكومة التركية أسلحة إلى سوريا قبل نحو عامين. وقضت محكمة العام الماضي بسجن دوندار خمسة أعوام وعشرة أشهر، لكنه يعيش الآن في ألمانيا، فيما وجهت تهم إلى عدد من صحافيي «جمهورييت»، يقبع معظمهم في السجون، بتهمة الانضمام إلى «مجموعة إرهابية» محظورة ومساعدة منظمات خارجة عن القانون.
ورأى رئيس تحرير صحيفة «حرييت»، مراد يتكين، وهو زميل سابق لبربر أوغلو، في مقالة، أمس، أنّ من الصعب رؤية القضية ببعدها القضائي فقط، إذ إن لها «أبعاداً سياسية وأبعاداً مرتبطة بحرية الإعلام». وتابع قائلاً إن الحكم صدر في وقت تعيش فيه تركيا تحت ضغط كبير بسبب وضع صحافيين وسياسيين في السجن. وأردف أنه من خلال معرفته الشخصية ببربر أوغلو، يعتقد أنه «سيخرج من السجن برأس مرفوع، على عكس من أصدر الحكم بحقه». وبعدما أصبحت الأحكام بحق صحافيين وسياسيين أمراً رائجاً في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة قبل نحو عام، رأى يتكين أن هذه التصرفات ستضعف موقع الرئيس التركي، وموقعه الدبلوماسي، خاصة في الغرب.
ويُذكر أن بربر أوغلو هو أول نائب في «حزب الشعب الجمهوري» يحكم عليه بالسجن في عهد «العدالة والتنمية»، إذ كانت عمليات رفع الحصانة والسجن قد طاولت نواباً آخرين، وبالتحديد نواب «حزب الشعوب الديموقراطي» المعارض. وينضم بربر أوغلو إلى نحو 12 نائباً من «الشعوب الديموقراطي»، ومن بينهم رئيسا الحزب صلاح الدين دميرتاش وفيغن يوكسكداغ، المسجونان بتهمة «الإرهاب».
في الأثناء، قررت محكمة في إسطنبول رفع التوقيف المؤقت عن رئيس تحرير النسخة الإلكترونية لصحيفة «جمهورييت»، أوغوز غوفن، المعتقل منذ شهر لاتهامه بالترويج «للإرهاب»، مساء الأول من أمس. ويواجه غوفن عقوبة بالسجن لفترة تصل إلى عشر سنوات ونصف، «بعد تغطيته لمقتل المدعي العام مصطفى البير»، الذي لعب دوراً كبيراً في الإجراءات القضائية التي تلت محاولة الانقلاب الصيف الماضي، وهو قضى في حادث سير. وقررت محكمة في إسطنبول إطلاق سراحه حتى تبدأ محاكمته في 14 أيلول. وقال غوفن بعد خروجه من سجن سيليفري قرب إسطنبول إنه «إحساس حلو ومر، (خاصة أنه) عند خروجي أسمع باعتقال أنيس بربر أوغلو».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)