في ما يشكل المحاولة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق نووي بين إيران ومجموعة «5+1»، يجتمع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع نظرائه في مجموعة «5+1»، نهاية الأسبوع في فيينا، في جلسة مفاوضات شاقة للتوصل إلى حل لإحدى أبرز القضايا الدبلوماسية الشائكة عالمياً، في الوقت الذي جدّد فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني التأكيد أن إيران تمضي في المفاوضات إلی الأمام «في ظل توجيهات المرشد الأعلى للجمهورية»، الذي كان قد أعاد، قبل أيام، التشديد على «الخطوط الحمراء» لأي اتفاق مرتقب.
وبعد سنوات طويلة من التوتر و20 شهراً من المناقشات الشاقة، تحاول الأطراف التوصل إلى اتفاق نهائي، غالباً ما يوصف بأنه تاريخي، بالتزامن مع دنوّ نهاية المهلة النهائية التي حددتها هذه الأطراف، في نهاية حزيران الجاري، والتي من الممكن تمديدها، وفق ما أوحت به التصريحات المتبادلة، خلال الأيام الماضية.
لقاء حاسم في
فيينا السبت وتلميح إلى
إمكان التمديد

وفيما ينتظر وصول ظريف إلى فيينا، السبت، حيث سيلتقي كيري، ثمّ يلحقهما وزراء مجموعة «5+1» ــ حذّر الوزير الأميركي، أمس، من أنه لن يكون هناك اتفاق بين إيران والدول الكبرى، إن لم تعالج طهران المسائل العالقة في هذا الملف. وقال خلال مؤتمر صحافي: «من الممكن ألا يلبي الإيرانيون كل ما جرى الاتفاق عليه في لوزان، وفي هذه الحالة لن يكون هناك اتفاق»، في إشارة منه إلى الإجراءات التي نص عليها الاتفاق المرحلي بين طهران والدول الكبرى، في 2 نيسان في سويسرا، مقابل رفع العقوبات الدولية والغربية المفروضة على إيران.
ولفت كيري إلى أن «الأيام المقبلة ستبيّن ما إذا كانت المسائل العالقة ستعالج أو لا»، مضيفاً إنه «إذا لم تعالجها (إيران)، فلن يكون هناك اتفاق»، ومكرراً للمرة الثانية تحذيره من احتمال فشل هذا الماراثون الدبلوماسي الدولي في شوطه الأخير.
تصريح كيري أتى، رداً على سؤال بشأن ما كان قد أدلى به، الثلاثاء، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي، حين جدد التأكيد على «الخطوط الحمراء» لبلاده في المفاوضات النووية، وأبرزها رفع «فوري» للعقوبات، فور التوقيع على الاتفاق المحتمل وعدم تضمن هذا الاتفاق أي بند يجيز تفتيش «مواقع عسكرية» إيرانية.
وعن هذه التصريحات، قال كيري إنها «ليست جديدة»، مؤكداً أن المهم هو «ما تم الاتفاق عليه في نص المستند».
وأضاف الوزير الأميركي إنه يتجه إلى فيينا، الجمعة، و«أريد أن أرى إن كنا سنعطي هذا المجهود الدفع الذي يستحقه».
ورغم تحذيرات كيري، إلا أن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، رئيس فريق المفاوضين الروس، صرّح بأن نص الاتفاق النهائي أصبح جاهزاً بنسبة 90%، موضحاً أن هذا التقويم يأخذ بالاعتبار أهمية المواضيع التي جرى التنسيق بشأنها، وليس حجم النص المتفق عليه.
مع ذلك، لا تزال فرنسا والمملكة المتحدة تكرران أن أي اتفاق ينبغي أن يشمل إمكانية زيارة مواقع عسكرية «إن دعت الحاجة». وفي هذا المجال، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الأربعاء، إن «فرنسا تريد التوصل إلى اتفاق متين، يتضمن الحد من القدرات النووية الإيرانية في مجال البحث والإنتاج، أي إقرار نظام تفتيش متقدم يشمل حتى المواقع العسكرية إذا لزم الأمر». وتابع الوزير الفرنسي إن «هذا يعني أنه لا بدّ، أيضاً، من توقع العودة التلقائية للعقوبات في حال خرق إيران التزاماتها»، معتبراً أن «كل ذلك مهم، سواء للأمن الإقليمي أو للتحرك ضد الانتشار النووي».
الى جانب نقاط الخلاف هذه، يبدو الاتفاق معقداً تقنياً، فالخبراء والدبلوماسيون الموجودون في فيينا، منذ مطلع الشهر، يتوقعون وثيقة من 40 إلى 50 صفحة، يمكن لكل تفصيل فيها أن يكون موضع تفاوض دقيق.
بناءً عليه، أعلن دبلوماسي أميركي، أمس، أن المفاوضات يمكن أن تمدّد إلى ما بعد المهلة المحددة. وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية: «قد لا نتمكن من الالتزام بمهلة 30 حزيران، لكن قد نكون قريبين» من ذلك.
ويأتي كلام المسؤول الأميركي في وقت أشار فيه المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، محمد باقر نوبخت، إلى أنه إذا بقي غموض يمکن معالجته من خلال تمديد المفاوضات، فمن الطبيعي أن نوافق علی هذا التمديد، لكنه أعرب عن أمله بأن «ننهي المفاوضات في موعدها المحدد».
من جهته، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران تمضي في المفاوضات إلی الأمام «في ظل توجيهات المرشد الأعلى للجمهورية»، مشيراً إلى سعي طهران لـ«ضمان حقوق الشعب الإيراني، عبر المفاوضات الجادة والتفاهم المنصف والعادل».
وفي مادبة إفطار أقيمت مساء الأربعاء، قال روحاني: «لن نقبل أن يؤدي التأخير أو الإسراع في المفاوضات إلى الإضرار بمصالح البلاد». كما أشار إلى أنه «ينبغي علينا المضي في هذا الأمر إلی الأمام، عبر التحلي بالصبر والأناة والحکمة وبمساعدة الجميع والدعم والتوجيه من المرشد الأعلى، وفي ظل التعاضد والتلاحم والدعم من قبل جميع الأحزاب والفئات السياسية».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)