كاراكاس | لم تأبه المعارضة الفنزويلية للتحذيرات المتكررة من استخدام الشارع كوسيلة للضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وإطلاق سراح السجناء السياسيين.
فالانقسام الحاد الذي يعيشه الشارع الفنزويلي، بات ينذر بالأسوأ، في وقت عايش الفنزويليون فيه التحشيدات المتبادلة في اليومين الماضيين، التي أفضت إلى سقوط ضحايا تبعتها عمليات إطلاق نار على عناصر من القوى الأمنية، ما أدى إلى مقتل جندي في قوة الحماية الوطنية المكلفة حماية التظاهرات الشعبية لكلا التيارين.
إصرار المعارضة على قرع طبول المواجهة جاء بعد ساعات من دعوة مادورو إلى الحوار. فاليمين، الذي استفاد من الأزمات الاقتصادية المتتالية وتململ القواعد الشعبية من سياسات اليسار، بات يراهن على تعميم الفوضى عبر الاحتجاجات المترافقة مع حملة خطابية تحريضية، كان أبرزها تصريح القيادي في «ائتلاف الطاولة الديموقراطية» إنريكي كابريلس، الذي دعا إلى النفير العام ورفض الخروج من الشارع قبل تحقيق المطالب المعلنة.
أمام هذا التصعيد، سارع الرئيس الفنزويلي إلى تحميل واشنطن المسؤولية عن إدارة الفوضى في بلاده، كاشفاً عن إلقاء القبض على أكثر من ثلاثين مسلحاً كانوا يتخفون بين المحتجين ويطلقون النار عشوائياً، وهو تصريح تبعه إعلان المدعي العام الفنزويلي، طارق صعب، فتح تحقيق مستعجل لكشف ملابسات سقوط الضحايا المدنيين والعسكريين، ومحاسبة الجهة المسؤولة عن حلقة العنف التي شهدتها الاحتجاجات في العاصمة كاراكاس.

تؤكد مصادر رصد اتصالات أميركية بقادة من الجيش والأمن

أما المواجهة السياسية، فقادها رئيس البرلمان جوليو بورغوس، الذي ألغى زيارة مقررة للبيرو، وذلك لمتابعة المستجدات بعد ما سماها «حملة القمع والاضطهاد التي يقودها مادورو»، داعياً مناصريه إلى تجنب الخوف، والاستمرار من أجل «انتزاع الحقوق». تصريح بورغوس لاقى رداً عنيفاً من مادورو الذي وصفه بزعيم الانقلابيين، و«الحقير» الذي ستقتص منه العدالة في القريب العاجل.
ويصف الاشتراكيون التصعيد في البلاد بأنه «أمر عمليات أميركي»، وذلك في وقت تبحث فيه الإدارة الأميركية الجديدة عن مكاسب عجزت عنها في سوريا وكوريا الشمالية، فلجأت إلى تحريض المعارضة، وفتحت لها اعتمادات مالية ضخمة أرفقتها بتغطية إعلامية واسعة، أبرزها افتتاحية صحيفة «نيويوك تايمز» في عددها الصادر أول من أمس. وقالت الصحيفة إن الاحتجاجات في الشارع قد تكون الوسيلة الوحيدة للدفاع عن مبادئ الديموقراطية وتخليص البلاد مما سمّته سوء الإدارة الاقتصادية والمحسوبيات في الإدارات العامة والتلاعب في المؤسسات القضائية. وكشفت «نيويورك تايمز» أن المعارضة الفنزويلية تقود المرحلة الحالية بأداء أفضل عبر الاتفاق على قائمة الأهداف ووضع استراتيجية موحدة لمعالجة مشكلات البلاد بمساعدة من المجتمع الدولي. يقول مصدر رسمي في «الحزب الإشتراكي» لـ«الأخبار» إن اليسار الفنزويلي بات مقتنعاً بأن الأمور قد تشهد تصعيداً في الأيام المقبلة، لكن الرئيس مادورو «لن يخضع للابتزاز الأميركي الذي تمارسه المعارضة على الأرض، وسيبقى يدير مهماته الرئاسية حتى آخر يوم من ولايته التي تنتهي في العاشر من كانون الثاني 2019». أما الحوار مع المعارضة، فسيقتصر على تقاسم إدارة البلاد ضمن القوانين المرعية. وكشف المصدر عن اتصالات أميركية مع بعض قيادات الجيش والقوى الأمنية لتحريضهم على المشاركة في الانقلاب، وهذا ما «يؤكد ضلوع واشنطن المباشر في الأزمة... نحذّر من تمادي المعارضة في تحدي الحزب الاشتراكي الذي يمتهن إدارة الثورات».