بعد أسبوع من زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لأنقرة، وتأكيد الأميركيين أن «محاربة داعش» هي نقطة أساسية جامعة في العلاقة بين البلدين، لا تزال نقاط خلاف عديدة عالقة بين الجانبين في القضايا الإقليمية والداخلية، آخرها الاستفتاء التركي على التعديلات الدستورية الذي يسبب توتراً بين تركيا وأوروبا.
ويبدو أنّ موضوع الاستفتاء سيكون مؤثراً على العلاقة الثنائية، فقد ذكر موقع «المونيتور» أمس، أن «العلاقة التركية ــ الأميركية ستسوء إذا ما كانت نتيجة الاستفتاء في 16 نيسان إيجابية لاتجاه منح مزيد من السلطة للرئيس رجب طيب إردوغان»، وذلك نقلاً عن مشرعين أميركيين استمعوا إلى شهادات من معارضين أتراك. وفي جلسة استماع لأعضاء لجنة الشؤون الخارجية المتخصصة في الشؤون الأوراسية في الكونغرس، أمس، استنكر هؤلاء الهجمة التي يقوم بها نظام «العدالة والتنمية» ضد صحافيين منذ الانقلاب الفاشل في تموز الماضي، متوقعين أن «الديموقراطية في تركيا» وبالتالي «علاقتها مع الولايات المتحدة»، ستتراجع أكثر إذا ما كان خيار الناخبين الأتراك في الاستفتاء هو «نعم».
ولم تكتف رئيسة اللجنة دانا روراباشر، بالاستنكار، بل ذهبت بعيداً بدعوتها «الشعب التركي» إلى أن «يبقوا أصدقاء لنا» والتشديد عليهم ألا يذهبوا إلى صناديق الاقتراع وألا «يبطلوا الصداقة التي تجمع شعبي الولايات المتحدة وتركيا». وضمّ مشرعون آخرون صوتهم لصوت روراباشر، لكن لم يصل الأمر بهم إلى دعوة الأتراك إلى عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع. أما بالنسبة إلى النائب آلبيو سيرز، فإن العلاقة بين أنقرة وواشنطن ستكون «سيئة في كلتا الحالتين»، أي في حال مرت التعديلات الدستورية أو لم تمر، متابعاً، في إشارة إلى إردوغان، أن «أي شخص يصادر 600 مؤسسة قيمتها 10 مليارات دولار ويسجن الصحافيين» يبيّن أن «الأمور لا تسير في اتجاه جيد».
واستمع أعضاء اللجنة إلى ممثل «حزب الشعوب الديموقراطي» في واشنطن، محمد يوكسل، الذي قال للمسؤولين الأميركيين إن إردوغان يقود «إبادة جماعية ولكن ببطء» بحق «الأقلية الكردية»، مضيفاً إن السلطة التركية ترى «الهوية الكردية» كالعدو الأول لها.
وقد سبق لرئيس تحرير صحيفة «حرييت» التركية مراد يتكين، أن اعتبر في مقال له أن إدارة ترامب لن تقوم باتصالات قريبة مع تركيا قبل «تاريخ 16 نيسان» في انتظار معرفة ما إذا كانت تركيا ستتحول إلى نظام رئاسي.
وتحدث يتكين عن عناصر متعددة في العلاقة بين واشنطن وأنقرة، تشكّل خلافاً بينهما، أولها عدم اختلاف مقاربة إدارة ترامب عن إدارة أوباما في دعم «وحدات حماية الشعب» في سوريا لمحاربة «داعش»، وكذلك عدم تجاوبها مع مطلب أنقرة تسليم الداعية فتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب. ووفق يتكين، فإن ترامب حتى الآن قد أبدى «جفاء» تجاه إردوغان، فالرئيس الأميركي استقبل عدداً من المسؤولين العالميين في البيت الأبيض، لكن حتى الآن لم يجمعه بالرئيس التركي سوى اتصال هاتفي في شباط الماضي. وذلك على الرغم من أن وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، ذهب إلى العاصمة الأميركية بهدف التواصل بشأن المسألتين الخلافيتين.
كذلك، وقبيل زيارة تيلرسون، تحدثت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن عناصر الخلاف مع أنقرة، ومنها تشكيك الولايات المتحدة بالرواية التركية حول التورط المباشر لفتح الله غولن بمحاولة الانقلاب. وذكرت الصحيفة قضية تاجر الذهب التركي ــ الإيراني رضا زراب المتهم بخرق العقوبات الأميركية على إيران ونقل ملايين الدولارات «بطريقة غير شرعية» إلى هناك، مع إشارتها إلى أن مقربين من ترامب من ضمن فريق الدفاع عنه، وهما عمدة لندن السابق رودولف جولياني والمدعي العام السابق مايكل موكاسي. ويعتبر إردوغان أن اعتقال الولايات المتحدة لزراب سياسي.
الصحيفة لم تغفل أيضاً عن ذكر «انتزاع إردوغان للسلطة» في تركيا كعنصر خلافي آخر مع واشنطن، مع تركيزها على اعتقال السلطات التركية رئيس «حزب الشعوب الديموقراطي» صلاح الدين دميرتاش، وسياسيين أكراد، مع الإشارة إلى أن تيلرسون لم يلتق أي مسؤول معارض خلال زيارته تركيا.
ووصف مصطفى أيدن في مقال في «حرييت» أمس، زيارة تيلرسون بأنها كانت «مخيبة للآمال» بما يتعلق بالرؤية الأميركية للقضايا الإقليمية، مشيراً إلى أنه ظهر أن الطرفين، التركي والأميركي، قررا «تأجيل القرارات المهمة إلى ما بعد الاستفتاء». وإضافة إلى السياسات المنفصلة التي يتبعها الطرفان، ذكر أيدن أن اتباع إدارة ترامب سياسة أوباما نفسها بخصوص معركة الرقة عبر دعم القوات الكردية، يزعج المسؤولين الأتراك الذين لا تلاقي «خطتهم البديلة لتحرير الرقة استجابة أميركية» أي «استخدام الجيش السوري الحر تحريرها بدعم من التحالف الدولي وقوات خاصة تركية».
(الأخبار)