في خطوةٍ من شأنها أن تعزز إثارة الجدل حول العلاقات الخارجية الراهنة لروسيا، ولا سيما موقفها من الاستحقاقات الغربية المفصلية، التقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالمرشحة إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية وزعيمة الجبهة الوطنية، مارين لوبن، في الكرملين يوم أمس. وقد تخلل اللقاء نوعٌ من «غزلٍ» متبادل بين بوتين والسياسية اليمينية المعروفة بمواقفها المتطرفة التي تبدو مناهضة لـ«الاستبلشمنت» الفرنسي، بالإضافة إلى تأكيد قضايا مشتركة بين الجانبين، في مقدمتها «مكافحة الإرهاب» والحاجة إلى «التدخل العسكري» لأجل ذلك.
وتتعرض روسيا منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لاتهامات بالتدخل في ذلك الاستحقاق وبشؤون أخرى، أميركية وأوروبية، وبدعم التيارات والشخصيات الشعبوية التي تريد دفع الغرب إلى خارج منظومته المعتادة، خصوصاً أن الكرملين أبدى ارتياحاً بعد تأييد البريطانيين للخروج من الاتحاد الاوروبي في الاستفتاء الذي جرى في تموز الماضي، وانفتاحاً على وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أول من أمس، عن مارين لوبن إنها «ليست شعبوية، بل واقعية ومعارضة للعولمة».
وفيما طاولت اللقاء انتقادات عدة، ولا سيما أنه يجري قبيل شهرٍ من موعد الاستحقاق الفرنسي، الأمر غير المعتاد بروتوكولياً، أوضح الكرملين أن هذا اللقاء «يندرج ضمن ممارسة عادية للقاءات مع معارضين أجانب». وأضاف المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أنَّ «من المهم جداً التباحث مع القوى (السياسية) الداعية إلى ضرورة الحفاظ على حوار ثنائي مع روسيا». وفي هذا الإطار، أكد بوتين أن روسيا لن تتدخل في الانتخابات الفرنسية، مع الإشارة في الوقت نفسه إلى «الاحتفاظ بحقنا في التواصل مع كل ممثلي القوى السياسية في البلاد، كما يفعل شركاؤنا الأوروبيون أو في الولايات المتحدة».
وأضاف متوجهاً إلى لوبن أنَّ من «المهم تبادل وجهات النظر معك حول طريقة تطوير علاقاتنا الثنائية والوضع في أوروبا... أعلم أنكم تمثلون طيفاً سياسياً أوروبياً يشهد تطوراً سريعاً».
من جهتها، قالت لوبن إن بوتين يمثل «رؤية جديدة» للعالم، مضيفةً أنه «يمثل دولة ذات سيادة». وقالت بعد اللقاء الأول مع بوتين الذي استمر تسعين دقيقة: «لقد ظهر عالم جديد في خلال السنوات القليلة الماضية، وهو عالم فلاديمير بوتين وعالم دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وعالم (ناريندرا) مودي في الهند». وتابعت: «أعتقد أنني على الأرجح الشخص الذي أشارك جميع هذه الدول العظيمة رؤية للتعاون وليس رؤية الإذعان».
كذلك، تحدثث السياسية الفرنسية عن «الإرهاب الإسلامي»، مشددةً على ضرورة «توفير أفضل الظروف الممكنة لتبادل المعلومات بهدف حماية شعبينا من هذا الخطر». وأكدت في هذا السياق، أن روسيا تواصل عمليتها العسكرية في سوريا، أما فرنسا فإنها تشارك في عملية عسكرية في تشاد، مضيفة: «هكذا فقط يمكن القضاء على الإرهاب ــ وللأسف هناك حاجة إلى وجود عسكري».
وكانت لوبن التي تُعدّ أحد أبرز السياسيين الأوروبيين الداعين إلى التقارب مع بوتين والمؤيدين لضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014، قد التقت رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما)، فياتشسلاف فولودين، حيث أكدت تأييدها تنمية العلاقات مع روسيا «في إطار هذا التاريخ الطويل الذي يربط بين بلدينا». وذكّرت بأنها «دافعت في كل المحافل عن التعاون بين بلدينا في مكافحة الإرهاب»، مشددةً على دور روسيا في سوريا ودور فرنسا في الساحل الأفريقي.
(الأخبار، أ ف ب)