خطا وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، خطواته الأولى على الساحة الدبلوماسية، أمس، في ألمانيا بمشاركته في اجتماع وزاري لمجموعة العشرين، يأمل شركاؤه أن يكون مناسبة يتوضّح من خلالها، ما يعنيه شعار «أميركا أولاً» بالنسبة إلى باقي العالم، فيما يُنظر إليه على أنه خطوة أساسية لإعطاء صورة أوضح للمقاربة الأميركية الجديدة للعلاقة مع روسيا.
وعلى هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين، التقى تيلرسون بنظيره الروسي سيرغي لافروف، في الوقت الذي لا تزال فيه واشنطن تعاني تداعيات استقالة مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين، بسبب اتصالات مع السفير الروسي، واتهامات لروسيا بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية، العام الماضي.
وفي بيان عقب اللقاء، قال تيلرسون للافروف إن واشنطن مستعدة للتعاون مع موسكو، فقط إن كان ذلك لمصلحة الولايات المتحدة. وصرّح بأن «الولايات المتحدة ستفكر في العمل مع روسيا، عندما نجد مجالات للتعاون العملي تفيد الشعب الأميركي». وأضاف: «في الأمور التي نختلف فيها، ستدافع الولايات المتحدة عن مصالح وقيم أميركا وحلفائها». ودعا تيلرسون روسيا إلى تطبيق التزاماتها، بموجب اتفاقيات مينسك لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.

اتفق رئيسا الأركان
الروسي والأميركي على
تخفيف حدّة التوتر

من جانبه، أكد لافروف لتيلرسون أن موسكو لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وقال: «يجب أن تعلموا أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى». وأضاف: «أمامنا الكثير من القضايا التي تستوجب البحث، وأعتقد أننا نستطيع أن نتناقش ونضع معايير عملنا المشترك».
والتطلعات الأوروبية كبيرة جداً في هذه المنتديات الدولية تجاه المسؤولين الأميركيين. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي إنّ «ثمة الكثير من الغموض حول ما يريدون وما يتوقعون»، مضيفاً أن «اجتماع (مجموعة العشرين) سيسمح ربما بإلقاء الضوء على غموض المواقف الأميركية في الوقت الحاضر».
كذلك، تنتظر موسكو وضوحاً أكبر من واشنطن، في مواجهة المواقف المتناقضة التي تصدر عن الرئيس دونالد ترامب تجاهها. فبعدما دعا، في خلال حملته الانتخابية، إلى التقارب مع موسكو، طالب هذا الأسبوع بإعادة القرم التي ضمّتها روسيا إلى أوكرانيا، ما يعني مماطلة أميركية في رفع العقوبات المفروضة على موسكو، على خلفية هذا الملف. وفي سياق متصل، دعا بوتين، أمس، إلى «إعادة الحوار» بين أجهزة الاستخبارات الروسية والأميركية، في إطار مكافحة الإرهاب. وقال، في كلمة متلفزة أمام مسؤولي جهاز الأمن الفدرالي الروسي (الاستخبارات الداخلية)، إن «إعادة الحوار مع الأجهزة السرية في الولايات المتحدة، وغيرها من أعضاء الحلف الأطلسي، من مصلحتنا المشتركة». وأشار بوتين إلى أن «حتى التبادل البسيط للمعلومات بشأن قنوات الإرهاب ومصادره، بشأن أفراد ضالعين أو يشتبه في ضلوعهم في الإرهاب، كفيل بمضاعفة فعالية جهودنا المشتركة إلى حد كبير».
ويأتي لقاء مجموعة العشرين، الذي يستمر يومين، في مرحلة سياسية دبلوماسية مهمّة يتوجه فيها عدد من كبار مسؤولي إدارة دونالد ترامب إلى أوروبا، سعياً إلى طمأنة الحلفاء القلقين إزاء إشارت متناقضة، في بعض الأحيان، صدرت عن واشنطن. وبدأت هذه المرحلة، أول من أمس، مع اجتماع لـ»حلف شمال الأطلسي» في بروكسل، أكد فيه وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن بلاده ليست مستعدة «حالياً» للتعاون العسكري مع روسيا، بعد دعوة نظيره الروسي سيرغي شويغو إلى تحسين العلاقات الثنائية. وكان شويغو يرد على تعليق سابق لماتيس، قال فيه: «نحن منفتحون على فرص إعادة العلاقة التعاونية مع موسكو، مع البقاء واقعيين في توقعاتنا والحرص على أن يفاوض دبلوماسيونا من موقع قوة». إلا أن وزير الدفاع الروسي حذّر واشنطن من محاولة التفاوض مع موسكو من «موقع القوة». وقال في بيان: «نحن مستعدون لاستئناف التعاون مع البنتاغون، لكن محاولات بناء حوار من موقع القوة في ما يتعلق بروسيا ليس لها أي فرصة» للنجاح.
وصدرت التصريحات، في الوقت الذي جرت فيه محادثات بين قائد الأركان الأميركي جو دانفورد ونظيره الروسي فاليري غيراسيموف في باكو، في أول اجتماع بين القادة العسكريين للبلدين، منذ تنصيب ترامب رئيساً. واتفق ريئسا الأركان على تخفيف حدّة التوتر ومعالجة قضايا الأمن والتقليل من خطر حدوث صدامات بين الجانبين. وذكرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن الجانبين ناقشا قضايا العلاقات الثنائية، وقوّما المسائل المتعلقة بضمان الأمن في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وغيرها من مناطق العالم.
(الأخبار، أ ف ب)