صدّق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، على التعديل الدستوري الذي يغير النظام السياسي التركي تغييراً كبيراً، مانحاً الرئيس صلاحيات تنفيذية واسعة، ومقلِّصاً سلطات البرلمان، وذلك بعدما تبناه النواب الأتراك الشهر الماضي بفضل تحالف بين «حزب العدالة والتنمية» و«الحركة القومية»، وسط قلق من المسار الذي ستتخذه الحملات التي تسبق الاستفتاء.
وأعلن نائب رئيس الوزراء، نعمان كورتولموش، أن الاستفتاء الشعبي، الذي يُعَدّ الخطوة الأخيرة للتبني النهائي للتعديل، سينظم في «16 نيسان»، مضيفاً أن «تركيا ستدخل مرحلة جديدة» عقب ذلك. وعبر كورتولموش عن ثقته بأن «أمتنا ستقول نعم» وأن «تركيا ستتحول إلى نظام إدارة أكثر فاعلية ويحقق استقراراً اقتصادياً وسياسياً».
ويتيح التعديل الذي طاول 18 مادة من الدستور التركي، للرئيس تعيين وإقالة الوزراء وإصدار مراسيم وإعلان حالة الطوارئ، إضافة إلى حل البرلمان. ويؤكد أردوغان أن هذا التعديل الذي يمكن أن يسمح له بالبقاء في السلطة حتى 2029، ضروري لضمان الاستقرار على رأس الحكم في تركيا التي تواجه اعتداءات غير مسبوقة وصعوبات اقتصادية.
ويسمح التعديل بأن يحمل رئيس الجمهورية لقب «رأس الدولة»، وهو لقب يدخل الدستور التركي في مادة لأول مرة منذ انقلاب عام 1982.
لكن النص يثير قلق معارضين ومنظمات غير حكومية تتهم رئيس الدولة بالنزوع إلى التفرد بالسلطة، خصوصاً منذ محاولة الانقلاب في تموز التي تلتها حملة تطهير واسعة غير مسبوقة.
ومع تصديق أردوغان على التعديل، تبدأ الحملات بين معسكر «نعم» المناصر له ومعسكر «لا» الرافض. لكن أسئلة عدة تثار عن مدى حرية التعبير الممنوحة لمن هم ضد التعديل الدستوري.
وأحد أوجه هذا القلق، وفق ما كتب رئيس تحرير صحيفة «حرييت» التركية، مراد يتكين، أمس، إصدار الحكومة منذ يومين، لمرسوم يدخل في إطار حالة الطوارئ، يجرد «المجلس الأعلى للانتخابات» من صلاحية معاقبة القنوات التلفزيونية أو الإذاعية في حال منحها وقتاً أطول لأحد المتنافسين، أو إذا ما أبدت انحيازاً إلى طرف دون آخر.
ورأى رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض للتعديل، كمال كليتش دارأوغلو، أنه مع هذا «المرسوم الجديد، ستسمع أصواتهم فقط حتى موعد الاستفتاء، طرف واحد فقط سيتمكن من الظهور على الإعلام». وقالت مصادر في «الشعب الجمهوري» إن المرسوم هو ضد مبادئ «العدل والمساواة».
وأضاف يتكين أن السيناريو المتوقع مع بدء الحملات تقريباً في خلال الأسبوع الماضي سيكون ترويج كل من أردوغان ورئيس الحكومة بن علي يلديريم للتعديل بنحو منفصل، وأن يظهر على الأقل أحدهما بشكل يومي على الإعلام الذي من المتوقع أن يعطيهما الأولوية في الظهور والبث المباشر، في مقابل ظهور أقل لرئيس «الحركة القومية»، دولت بهتشلي.
وتابع يتكين قائلاً إنه «في هذه الأثناء، يقبع رئيسا حزب الشعب الديموقراطي الذي يركز على القضية الكردية، صلاح الدين دميرتاش وفيغن يوكسداغ، في السجن، بسبب اتهامات بترويجهما لحزب العمال الكردستاني وارتباطهما به».
وفي مقال سابق، رأى يتكين أن حملة «نعم» التي يقودها أردوغان ويلديريم ستكون «صعبة» بسبب «الشكوك» التي تحيط بمعسكر «نعم». وشرح يتكين أن بعض الجمعيات والنقابات المرتبطة بـ«الحركة القومية» الذي دعم «العدالة والتنمية» في إمرار التعديل في البرلمان، أعلنت أنها ستصوت بـ«لا». وتحدث يتكين عن «تقارير صحافية تركية عن كواليس المشهد السياسي تثير عدم الراحة عند أردوغان»، وخصوصاً «استياء» بعض «الناخبين الأكراد والمتدينين التقليديين للعدالة والتنمية» من الدور الذي يعطى لـ«الحركة القومية». لكن أردوغان «ليس من نوع السياسيين الذين يستسلمون بسهولة»، وهو «يملك الكثير من الخيارات» لجذب ناخبي «نعم»، ومنها ربما «إعادة بعض المواد المعدلة إلى البرلمان لمناقشتها من جديد، مثل الحق في الدعوة إلى انتخابات مبكرة وتعيين القضاة» وغيرهما.
(الأخبار، أ ف ب)