يناقش مستشارو الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مرسوماً يصنّف «جماعة الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً، في خطوة تستهدف الحركة الإسلامية الأقدم وربما الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط.المنظمة السياسية والاجتماعية، والتي لديها الملايين من المناصرين، نبذت العنف رسمياً منذ عقود، وفازت بالانتخابات البرلمانية والرئاسية في مصر بعد سقوط حسني مبارك عام 2011. كما أن مجموعات موالية لها باتت جزءاً من الأنظمة السياسية في بلدان مثل تونس وتركيا، وقاوم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، مراراً الضغوط لتصنيف «الجماعة» منظمة إرهابية.

ينظر بعض مستشاري ترامب لـ«لجماعة» على أنها فصيل راديكالي يسعى إلى اختراق الولايات المتحدة والترويج لمجتمع تحكمه الشريعة الإسلامية، ولا سيما أن بعض فروعها، مثل حركة «حماس»، ارتكبت العديد من الهجمات. في نظرهم، هذا القرار هو فرصة لاتخاذ أفعال ضد «الإخوان المسلمين».
تصنيف «الجماعة» منظمة إرهابية بشكل رسمي سيعكر العلاقات الأميركية في الشرق الأوسط. قادة دول حليفة لأميركا في الشرق الأوسط، مثل الإمارات ومصر، ضغطوا على ترامب للإقدام على هذه الخطوة بهدف القضاء على خصومهم السياسيين في الداخل.
ويتزامن اقتراح تصنيف «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية مع مداولات يجريها مسؤولون حاليون وسابقون حول تصنيف أجنحة في «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني على اللائحة نفسها، علماً بأن قادة في «الحرس الثوري» و«فيلق القدس» سبق أن أدرجوا على لائحة الإرهاب التي أصدرتها الحكومة الأميركية، لكن يصرّ الجمهوريون على ضم «الحرس الثوري» نفسه إلى اللائحة من أجل توجيه رسالة إلى إيران.
الجزء الإيراني من الخطة الأميركية الجديدة يحظى بدعم من البيت الأبيض، بينما يبدو أن الزخم الذي كان يتمتع به تصنيف «جماعة الإخوان المسلمين» تراجع أخيراً وسط اعتراضات من مسؤولين في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الذين ينفون وجود أي أساس قانوني لهذا القرار، كما أنه سيضر كثيراً بعلاقات أميركا مع بعض حلفائها في المنطقة. ويقول مسؤولون سابقون إنه تمّ إبلاغهم بأن القرار كان من المفترض أن يوقع الاثنين، لكنه تأجل على الأقل حتى الأسبوع المقبل.
ويعكس هذا التأخير رغبة في البيت الأبيض في الحصول على المزيد من الوقت قبل اتخاذ قرارات تنفيذية، وخاصةً بعد الفوضى التي نجمت عن إصدار أوامر تنفيذية على عجل، مثل الحظر المؤقت على مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة. ومع هذا، فإن الإدارة الأميركية لا تغفل الديناميكيات المعقدة التي تنطوي على طريقة عمل «الإخوان المسلمين».
وعبّر بعض المنتقدين عن خشيتهم من أن فريق ترامب يسعى إلى خلق مبرر قانوني لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المؤسسات الخيرية الإسلامية والمساجد في الولايات المتحدة، إذ إن تصنيف «الجماعة» إرهابية يجمّد الأصول للمجموعة وأفرادها، ويمنعهم من الحصول على تأشيرات الدخول إلى أميركا ويحظر تداولاتهم المالية. ويقول النائب المساعد لوزير الخارجية في إدارة أوباما، توم مالينوسكي، إن «هذا يثبت أنهم مهتمون بإشعال النزاعات ضد طابور خامس وهمي، لا الحفاظ على شركائنا في الحرب على الإرهاب، مثل تركيا وتونس والأردن والمغرب».
ولطالما كانت «جماعة الإخوان المسلمين» مصدراً للخوف بالنسبة إلى اليمين، مثل سبستيان غوركا وكاثرين غوركا، اللذين يكتبان لموقع «بريتبارت نيوز» وطالما حذرا من المتشددين الإسلاميين في الولايات المتحدة. وقدّم بعض الجمهوريين الشهر الماضي مشروعاً يطالب بتصنيف «جماعة الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية، وطلبوا من وزارة الخارجية الإجابة عن سبب عدم شملها في قائمة الجماعات الراعية للإرهاب. وقال السيناتور الجمهوري تيد كروز، «لقد حان الوقت لتسمية العدو باسمه». كذلك دعا مؤسس «مركز السياسة الأمنية» فرانك غافني، الأسبوع الماضي، ترامب إلى تصنيف «الجماعة» على أنها إرهابية. ومن ضمن الذين يرفضون هذا التحرك «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية»، الذي يعدّ نفسه حركة حقوق مدنية في الولايات المتحدة، إذ يرى المسؤولون فيه أن أي تحرك في هذا الاتجاه سيكون محاولة واضحة لاضطهاد المسلمين. حتى اللحظة، غير واضح الشكل الذي سيتخذه الأمر الرئاسي، فقد يطلب ترامب من وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي سبق أن وضع «الإخوان المسلمين» إلى جانب «القاعدة»، مراجعة فكر «الإخوان» واتخاذ القرار.
(...)
ويقول مسؤولون أميركيون إنّ الحوارات الأميركية ــ المصرية، في الفترة ما بين 2013 إلى 2015، كانت دائماً تشتمل على مطالب مصرية بتصنيف «الجماعة» إرهابية. وقدّمت مصر تقريراً، أعدّته الأجهزة الأمنية، حول «الجماعة» لوزارة الخارجية الأميركية، إلا أنّ وزارة الخارجية نفت وجود أرضية قانونية تسمح بتصنيف «الجماعة» إرهابية.
(بيتر بايكر، «ذي نيويورك تايمز»)