قدّمت اليونان يوم أمس إلى المفوضية الأوروبية مقترحاً جديداً للتوصل إلى حل لأزمة مديونيتها، فيما حذر رئيس الوزراء اليوناني، الكسيس تسيبراس، من أن عدم التوصل الى اتفاق مع الدائنين سيؤدي الى انهيار منطقة اليورو.وذكرت مصادر أن المقترح اليوناني الجديد الذي قدمته اليونان يوم أمس إلى مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، بيار موسكوفيسي، يتضمن تأجيل الدفعات الكبيرة المستحقة على اليونان تسديدها إلى البنك المركزي الاوروبي هذا الصيف، التي يرى مراقبون أن من شأنها أن تدفع اليونان الى الافلاس.

ويستند المقترح هذا إلى فكرة وزير المالية اليوناني، يانيس فاروفاكيس، بتحويل الدين الى صندوق السيولة الاوروبي المخصص لمواجهة الازمات، الذي تديره الحكومات الاوروبية. ويتضمن المقترح أيضاً أن تطلب اليونان مبلغ 10.9 مليارات يورو من أموال صفقة الانقاذ المخصصة للبنوك اليونانية، وهو ما رفضه الوزراء الاوروبيون في شباط الماضي.
وكان تسيبراس قد رفض بدوره الأسبوع الماضي الخطة التي قدمها رئيس المفوضية الاوروبية، جان كلود يونكر، موضحاً أن حكومته لن تقبل أي اتفاق لا يتضمن إعادة هيكلة ديونها ولا يلحظ استثمارات أوروبية في اليونان في الوقت نفسه، إلى جانب تطبيق قائمة الـ«إصلاحات» التي يسعى الأوروبيون لفرضها. وترفض حكومة «سيريزا» اليونانية اليسارية المحاولات الأوروبية لفرض المزيد من إجراءات «التقشف» التي توصف بـ«الإصلاحات»، وأبرزها تسريح دفعات جديدة من الموظفين العامين، وتخفيض معاشات التقاعد، وزيادة نسبة الضريبة على القيمة المضافة.
تبدو اليونان جاهزة لدخول الحيز المالي لدول البريكس

وقال المتحدث باسم المفوضية الاوروبية، مارغريتيس شيناس، إن «المؤسسات الثلاث (البنك الاوروبي المركزي وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية) تجري تقييما دقيقاً للمقترحات (الجديدة التي قدمتها أثينا)»، كاشفاً عن طلب تسيبراس عقد اجتماع مع المستشارة الالمانية، انغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، على هامش القمة بين الاتحاد الاوروبي وأميركا اللاتينية (اليوم) لمناقشة أزمة الديون اليونانية. وفي مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية، حذّر تسيبراس أمس من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق ينهي أزمة الديون سيكون «بداية نهاية» منطقة اليورو، مؤكداً أنه «إذا أفلست اليونان، فستبحث الأسواق (المالية) على الفور» عن حلقة أخرى ضعيفة في منطقة اليورو. وتساءل تسيبراس، «إذا لم يتمكن القادة الاوروبيون من تسوية مشكلة مثل اليونان، التي تمثل 2% من اقتصاد الاتحاد الاوروبي، فماذا سيكون رد فعل الأسواق على الدول التي تواجه مشاكل أكبر بكثير، مثل إسبانيا وإيطاليا التي يقارب دينها عام 2000 مليار يورو»؟ وسعى تسيبراس إلى تهدئة المخاوف، مؤكدا للصحيفة أن التوصل إلى اتفاق بين اليونان ودائنيها بات «قريبا جدا»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الاتفاق المرتقب يجب ألا يتضمن «الغاء رواتب التقاعد للفئات الاكثر ضعفا والمخصصات الاجتماعية». ورأى تسيبراس أنه «لم يعد ينقص سوى تبني (الدائنين) موقف إيجابي حول مقترحاتنا البديلة للاقتطاعات في معاشات التقاعد، و(البديلة عن) فرض إجراءات تؤدي الى الانكماش».

ودخل الرئيس الاميركي، باراك أوباما، الاثنين الماضي مباشرة على خط المفاوضات الجارية في بروكسل بين اليونان ودائنيها، طالباً من الطرفين اعتماد «الليونة» في موقفيهما. وتدعو الولايات المتحدة الاوروبيين باستمرار إلى عدم المجازفة بخروج اليونان من منطقة اليورو، خوفاً من تداعيات ذلك على الوضع الهش للاقتصادات الغربية، وأيضاً على خارطة الاصطفافات السياسية في أوروبا، في ظل الصراع «الأطلسي» ــ الروسي. وفي هذا السياق، أشارت صحيفة Russia Insider في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي إلى أن الضغوط التي مارستها مجموعة الدول السبع (في قمتها في ألمانيا منذ يومين) على اليونان لتطبق المزيد من إجراءات "التقشف" قد تكون دفعت بأثينا لحسم أمرها لجهة الانضمام إلى «الاتحاد الاقتصادي الأوراسي» و«منظمة شانغهاي للتعاون»، الإطارين اللذين فعلتهما ووسعتهما موسكو على نحو «دراماتيكي» أخيراً، رداً على العقوبات الغربية، وعلى التصعيد العسكري «الأطلسي». وبحسب الصحيفة، اتخذت روسيا خطوات بهدف إنجاز إدماج اليونان بمشروع «بنك التنمية الجديد»، الذي تبلغ قيمته 100 مليار دولار، في أواسط الشهر الجاري. «تبدو اليونان جاهزة لدخول الحيز المالي لدول البريكس، الذي ينمو سريعاً وباطراد، تاركة وراءها الروابط الكارثية بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي»، بحسب الصحيفة التي سألت كيف لممارسة المزيد من الضغوط على اليونان أن يخدم هدف أوباما في قمة السبع «بتصليب الحلف الغربي ضد روسيا».

(الأخبار، أ ف ب)