«يحق لروسيا، بلا شك، أن تنشر أسلحتها النووية في أراضيها إذا اقتضت الضرورة، بما في ذلك في شبه جزيرة القرم»، أكد مدير قسم شؤون عدم انتشار الأسلحة والرقابة في الخارجية الروسية، ميخائيل أوليانوف، يوم أمسيأتي تصريح أوليانوف في سياق الردود الروسية المتعددة الأوجه على التصعيد العسكري الخطير الذي يمارسه حلف شمالي الأطلسي على الحدود الروسية الغربية، من شمالها إلى جنوبها، وإن كان الهدف المباشر منه الرد على التحريض الذي مارسه وزير الخارجية الأوكراني، بافل كليمكين، في اجتماع لحلف شمالي الأطلسي في مدينة أنطاليا التركية في منتصف أيار المنصرم.

قال إن «نشر أسلحة نووية في القرم سيكون أخطر انتهاك لالتزامات روسيا الدولية، وخرق لكل معاهدات عدم انتشار الاسلحة النووية. وأن أي إجراء من روسيا، أو حتى إشارات حول إمكانية نشر اسلحة نووية في شبه جزيرة القرم، سيتم التعامل معها على اعتبارها انتهاكا خطيرا لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وعلى المجتمع الدولي الرد بشكل حازم وحاسم، إن جرى ذلك».
بدأ «الأطلسي» مناورات عسكرية تقودها الولايات المتحدة في دول البلطيق وبولندا

وسخر أوليانوف من كلام وزير خارجية أوكرانيا، قائلاً إن «ما يمكن فهمه من كلمات كليمكن، أنه يعتبر شبه جزيرة القرم أرضا أوكرانية، وأن نشر أسلحة نووية هناك سيؤثر على وضع بلاده كدولة غير نووية»، مضيفاً أن الفكرة تلك «مثيرة للاهتمام الى حد بعيد، بل يمكن اعتبارها هجوما غير مباشر على الولايات المتحدة، وكذلك على بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا، التي تنتشر الاسلحة النووية الاميركية على أراضيها».
وكانت شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبل، قد انضمتا الى الاتحاد الروسي عقب استفتاء في آذار2014، وصوتت فيه غالبية السكان لصالح الانضمام لروسيا. وفيما ترى موسكو أن الاستفتاء يتوافق مع أحكام القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة، لا تزال كييف تعتبر شبه الجزيرة جزءا من أراضيها.
وفي السياق نفسه، قال أوليانوف، «نحن بحاجة إلى ضمانات لما نسمعه باستمرار بأن (منظومة الدرع الصاروخية الأميركية) ليست موجهة ضد قوات الردع النووي الروسية»، موضحاً أن موسكو لم تسمع حتى الآن كلاماً يفيد بأنه يمكن توقيع مثل هذه الضمانات، بل تسمع أن هذه المنظومة ستُقام بمشاركة روسيا أو بدون مشاركتها. وسأل أوليانوف عن سبب رفض التزام الغرب بما تعهد به بشأن عدم توسع «الأطلسي» شرقاً، وإبقاء دول مثل أوكرانيا وجورجيا في وضع الحياد، بحسب ما جرى الاتفاق عليه عقب تفكك الاتحاد السوفياتي؛ وقال أوليانوف إن الغرب يبيح لنفسه اتخاذ أي إجراءات أمنية، وتحت أي مزاعم وحجج، دون اعتبار أمن الدول الأخرى. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه، وبعدما زالت أي أوهام روسية حول إمكانية الركون إلى تطمينات من جانب «الأطلسي»، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في 16 أيار الماضي أن إعادة تسليح لواء الصواريخ التابع للقوات البرية المرابطة في مقاطعة كالينينغراد (غربي البلاد) بمنظومات صواريخ «إسكندر- أم»، ستكتمل قبل حلول عام 2018. والصواريخ تلك هي صواريخ أرض-أرض بالستية عالية الدقة وفائقة القدرة على المناورة، وهي قادرة على إصابة وتدمير مكونات منظومة الدرع الصاروخية الأميركية التي تنتشر في بولندا وليتوانيا المتاخمتين لمقاطعة كالينينغراد.
ولا يكتفي «الأطلسي» بمواصلة نشر مكونات من منظومة الدرع الصاروخية على الحدود الغربية لروسيا، ما يتسبب بتهديد قدرة الردع الصاروخي للأخيرة، بل يصعّد من نشاطه العسكري على الحدود الروسية بشكل «غير مسبوق منذ الحرب الباردة»، كما كان قد أعلن الأمين العام لحلف «الأطلسي» في وقت سابق. ويوم أمس، بدأ الحلف مناورات عسكرية تقودها الولايات المتحدة في دول البلطيق وبولندا، بذريعة «طمأنة مخاوف» الدول تلك إزاء «اندفاع روسيا في شرق اوكرنيا وضم شبه جزيرة القرم» في آذار 2014. ويشارك أكثر من 6000 جندي من 13 دولة أعضاء في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي في المناورات تلك. وقال قائد القوات البرية الليتواني، اللواء المانتاس ليكا، إن «هذا واحد من أكبر التدريبات في ليتوانيا منذ انضمامنا الى الحلف الاطلسي»، مضيفاً أن «الوجود الضخم للحلفاء يظهر تضامنا مع بلدان هذه المنطقة». والجدير ذكره أن دول البلطيق طلبت من «الأطلسي» الشهر الماضي نشر عدة آلاف من الجنود «كقوة ردع» في وجه روسيا، وأن «الأطلسي» يسيطر على أجواء دول البلطيق منذ انضمامها إلى الحلف عام 2004.
وفي سياق متصل، ندد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يوم أمس بـ«عبثية» انتقادات دول الاتحاد الاوروبي للائحة الروسية السوداء التي تمنع 89 شخصية اوروبية من دخول روسيا، إذ ندد الاتحاد الاوروبي، عبر احد المتحدثين باسمه، يوم السبت المنصرم بالاجراء الروسي، واصفاً إياه بأنه «اعتباطي تماما وغير مبرر». ورأى لافروف أن الاجراءات التي اتخذتها موسكو «متناسبة، بل إنها دون العقوبات الاحادية الجانب التي اتخذها الاتحاد الاوروبي» ضد بلاده. «هذه العقوبات تشمل شخصيات دعمت بشكل نشط انقلابا تعرض اثره مواطنون روس في اوكرانيا الى اضطهاد وتمييز»، أوضح لافروف، لافتاً إلى أن موسكو لم تعلن عن اللائحة، بل تحدث عنها الاشخاص المعنيون والدبلوماسيون الأوروبيون. «لم نرغب في اتباع المثل السيئ للاتحاد الاوروبي، بشن حملة مدوية من خلال كشف هذه الاسماء كما فعلت بروكسل»، قال لافروف، مؤكدا أن موسكو، بسلوكها هذا، لم تبحث عن «إثارة فضيحة».
(الأخبار، الأناضول، أ ف ب)