اسطنبول | مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في السابع من حزيران المقبل، فرض الملف السوري نفسه من جديد على أجندة زعماء المعارضة التركية في حملاتهم الانتخابية.وأثارت المعلومات المتضاربة بشأن اتفاق أنقرة وواشنطن على تأمين الحماية الجوية للفصائل السورية المسلحة قلق زعماء المعارضة الذين لم يخفوا تخوفهم من احتمالات التورط التركي العسكري المباشر في سوريا. وعزز هذا القلق التناقض الواضح الذي تضمنه الخطاب الرسمي بهذا الخصوص، حين أعلن وزير الخارجية مولود شاويش أوغلو أن أنقرة وواشنطن قد توصلتا إلى الاتفاق المذكور، فيما كذب الرئيس رجب طيب أردوغان ومتحدثون باسم البنتاغون هذه الأنباء. وكانت وكالة «رويترز» قد أعلنت بدء تدريب عناصر المعارضة السورية في تركيا، وذلك بخلاف التباين القديم بين البلدين في هذا المجال، حيث يبدّي الأميركيون قتال «المعارضة» لتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، فيما يصرّ الأتراك على محاربة «داعش» والجيش السوري في الوقت نفسه.

وقال زعيم حزب «الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو، إن حكومة «العدالة والتنمية» مسؤولة بشكلٍ مباشر عن دماء كل السوريين الذين راحوا ضحية الحرب الدائرة في سوريا. واتهم الحكومة التركية بالتحالف مع قطر والسعودية لتدمير سوريا وقتل شعبها عبر دعم الجماعات الإرهابية. وقال كليتشدار أوغلو: «لقد فعلوا ذلك انطلاقاً من مقولات وسياسات طائفية ومذهبية"، متساءلاً «عن أي إسلام يتحدثون في وقتٍ تدمر فيه العصابات الإرهابية المساجد والأضرحة». وأكد كليتشدار أوغلو أنه في حال تسلم حزبه السلطة بعد احتمال فوزه في الانتخابات، سيوقف كل أنواع الدعم للجماعات الإرهابية ولن يسمح لها بالتحرك عبر الحدود مع سوريا، مشدداً على أن حزبه سيغيّر السياسة الخارجية التركية بأكملها ليس فقط في سوريا بل في المنطقة عموماً. وأضاف: «إننا سنسعى لحل المشكلة السورية بأسرع ما يمكن من خلال الدعوة إلى مؤتمر دولي بمشاركة ايران وروسيا وأميركا والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية وكل الأطراف السورية».
بدوره، قال زعيم حزب «الشعوب الديموقراطي» (الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني) صلاح الدين دميرتاش، إنه في حال فوز حزبه في الانتخابات، فإنهم سيحاسبون أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو على كل أفعالهم في سوريا، وفي مقدمتها على نقل الشاحنات التابعة للاستخبارات الوطنية الأسلحة والمعدات العسكرية للجماعات الإرهابية في سوريا بداية العام الماضي. وتحدث دميرتاش في تجمع انتخابي في مدينة أنطاكيا على الحدود مع سوريا، عن الاجراءات التي سيتخذها حزبه في حال الفوز بالانتخابات بعد سقوط حكومة «العدالة والتنمية»، قائلاً إنهم سيغلقون الحدود أمام الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها «داعش»، وسيوقفون كل أنواع الدعم العسكري واللوجستي لهذه الجماعات وسيقضون عليها وبالتالي سيعملون على تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا بمشاركة كل الأطراف ولا سيما الحكومة السورية. وقال دميرتاش إنه لولا دعم حكومات «العدالة والتنمية» للجماعات الإرهابية بما فيها «داعش»، لما وصلت الأمور في سوريا إلى ما وصلت اليه من دمار وقتل. وعبر الزعيم الكردي عن قلقه من المغامرات الخطيرة التي قد يلجأ إليها أردوغان في حال هزيمة «العدالة والتنمية» في الانتخابات، وذلك للتغطية على أسراره وأسرار التدخل السافر في سوريا من خلال الجماعات الإرهابية.
وفي السياق نفسه، تراهن الأوساط السياسية والإعلامية على سياسات أنقرة المحتملة في حال بقاء «العدالة والتنمية» في السلطة بعد انتخابات ٧ حزيران. وتقول إن أردوغان وداوود أوغلو لن يترددا في التورط المباشر في الشأن السوري عبر تقديم المزيد من الأسلحة الثقيلة والنوعية للجماعات المسلحة التي تستعد لعمليات عسكرية واسعة تستهدف حماه وحلب. وتتحدث المعلومات الصحافية والمصادر المحلية عن تحركات مكثفة للجماعات المسلحة عبر الحدود مع تركيا وبالتنسيق مع الاستخبارات التركية والقطرية والسعودية والاردنية استعداداً لعمليات عسكرية شاملة بعد الانتخابات التركية.