في سياق حملاته التي تسبق الانتخابات النيابية التركية في السابع من حزيران المقبل، واصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هجومه على معارضيه، قائلاً إن أحزاب المعارضة كافة وقفت إلى جانب ما يُعرف بـ«الكيان الموازي» المُتهم بمحاولة الانقلاب على السلطة، فيما تستضيف مدينة أنطاليا (جنوب غرب تركيا) اليوم اجتماعاً لوزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي، مخصصاً للبحث في مواجهة «روسيا أكثر إثباتاً لحضورها» ولـ«التطرف والإضرابات» في المشرق وشمال أفريقيا.
رغم دعوات المعارضة لاحترام أردوغان لبند دستوري يُلزم رئيس الدولة بالابتعاد عن الحملات الانتخابية، تابع الرئيس التركي، زعيم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الحاكم، جولاته الانتخابية. وقال أردوغان في كلمة أمام حشد في مدينة طرابزون، شمال شرق البلاد، إن الأحزاب المعارضة لا تعمل من أجل خدمة الشعب التركي، بل وقفت في صف «مهاجمي معتقدات وتاريخ وثقافة وقيم الشعب»، في إشارة إلى «الكيان الموازي»، أي شبكة أنصار الداعية فتح الله غولن في أجهزة الدولة، وإلى قوى معارضة أخرى متعددة المشارب. وكرر أردوغان القول إن خيارات الناخبين في الانتخابات النيابية المقبلة تنحصر بين التصويت لممثلي فئتين، واحدة «تسعى إلى إنشاء تركيا الحديثة»، وأخرى تعمل على «الإبقاء على تركيا القديمة»، مضيفاً أن تعديل الدستور لتحويل النظام إلى رئاسي هو «ضرورة كبيرة» للبلاد.

من جهته، قال بولنت أرينتش، نائب رئيس وزراء تركيا والعضو البارز في حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن حكم حزبه قد أضعف الثقة في الهيئة القضائية، وذلك في مقابلة تلفزيونية ليل الاثنين الماضي. وكان أرينتش قد انتقد أردوغان في آذار الماضي لتدخله في تعامل الحكومة مع عملية السلام مع المقاتلين الأكراد. وقال أرينتش الذي أمضى ثلاث دورات في عضوية البرلمان: "ما يحزنني هو أننا على قدر جيد جداً من التنمية. لكن هل نحن على نفس القدر الجيد من العدالة؟"، وذلك بعد أكثر من عشر سنوات من وصول حزبه إلى السلطة. "أنشأنا قصوراً (للعدل) جميلة جداً، لكن علينا أن نعمل جاهدين لزيادة الثقة في العدالة والقضاء"، تابع أرينتش، قائلاً إنه "إذا تدنت الثقة في القضاء لنحو 20% (من مواطني) بلد ما، ينبغي أن نضع رؤوسنا بين أكفنا وأن نستغرق في التفكير".
ويأتي كلام أرينتش عقب «إصلاحات» قضائية أجراها الحزب الحاكم، في إطار حملة يقودها أردوغان للقضاء على نفوذ غولن الذي يتهمه بمحاولة قلب نظام الحكم، حيث تقرر إبعاد مئات من القضاة ووكلاء النيابة وآلاف من ضباط الشرطة، بعد بدء التحقيقات في فضيحة فساد في أواخر عام 2013، تورط فيها أشخاص من دائرة أردوغان المقربة، وأُسقطت منذ ذلك الحين قضايا ذات صلة بالفضيحة. وكان رئيس المحكمة الدستورية العليا المنتهية ولايته، هاشم كيليج، قد حذر في شباط الماضي من أن القضاء يمكن أن يصبح "أداة انتقام" في أيدي السلطات السياسية، وذلك بعد أن عزز المرشحون المدعومون من الحكومة قبضتهم على المحاكم الرئيسية في البلاد.
وفيما يتواصل تصعيد الحزب الحاكم على معارضيه، تستضيف تركيا اليوم اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الذي سيستمر حتى يوم غد الخميس. وبينما أفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية بأن الاجتماع سيبحث قضايا تخص بعثة الدعم التابعة للحلف في أفغانستان، وضع الأمين العام لـ«الأطلسي»، ينس ستولتنبرغ، في مؤتمر صحافي عقده يوم الأول من أمس، الاجتماع في إطار رفع وتيرة النشاط العسكري للحلف إلى درجة قال إنها غير مسبوقة منذ الحرب الباردة. تحدث ستولتنبرغ عن المناورات الضخمة التي يجريها الحلف في بحر الشمال، بالتعاون مع السويد، وعن المناورات التي يقوم بها 13 ألفاً من جنود 8 دول أطلسية في إستونيا، وعن تسيير الحلف لمقاتلاته في «دوريات على مدى الساعة» في أجواء دول البلطيق وبولندا. وقال ستولتنبرغ إن هذه «مجرد أمثلة قليلة عن كيفية تحقيق الناتو للردع»، مضيفاً أن اجتماع أنطاليا سيناقش كيفية «عمل المزيد للشركاء»، خاصاً بالذكر أوكرانيا كـ«شريك قيم» للحلف الذي يجري «إصلاحات» لسياسة أوكرانيا الدفاعية، وتعزيز منظومات القيادة والاتصالات لجيشها. وأشار ستولتنبرغ إلى «خسارة الأرواح والخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار، وتعويق مهمات المراقبين، واستمرار الدعم الروسي للانفصاليين» في شرق البلاد، محملاً روسيا «مسؤولية خاصة» عما سبق، وقائلاً إن الاجتماع سيناقش «المدلولات الاستراتيجية لروسيا أكثر إثباتاً لحضورها»، كما «التطرف والاضطرابات على حدودنا الجنوبية» (المشرق وشمال أفريقيا). كذلك توقع ستولتنبرغ أن يقرر الاجتماع الحفاظ على وجود قوات الحلف في أفغانستان، وذلك بعد نهاية مهمتها «لتدريب وتقديم المشورة ومساعدة» قوات الأمن الأفغانية.

(الأخبار، الأناضول، رويترز)