قُبيل الانتخابات العامة التي ستشهدها البلاد في شهر حزيران المقبل، يضع حزب «العدالة والتنمية» التركي الحاكم مواطنيه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التصويت لمرشحيه ولمشروعه تعزيز سيطرته على البلاد بتحويل نظامها إلى رئاسي، وبالتالي التصويت لـ«حزب التغيير والقيم والديمقراطية» بهدف «إنشاء تركيا الجديدة»، أو التصويت لـ«الفوضى التي تتشكل من بقية الأحزاب مجتمعة».
تركيا بحاجة إلى الوحدة والتضامن أكثر من أي وقت مضى، بحسب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكنها «وحدة» حول حزبه ومشروعه حصراً. ففي كلمة ألقاها أمام حشد من المواطنين يوم أول من أمس السبت، طالب أردوغان مواطنيه بأن «يحسنوا اختيار» ممثيلهم في البرلمان، قائلاً إن «الانتخابات المقبلة ستكون الفاصلة بين إنشاء تركيا الجديدة، وتحالف تركيا القديمة. سيكون الشعب أمام خيارين، إما هذا أو ذاك». يريد أردوغان أن ينال حزبه أكثرية برلمانية تتيح له وضع دستور جديد للبلاد يجعل نظامها رئاسياً، بما يتيح له هامشاً أوسع من حرية القرار، «في سبيل مسيرتنا نحو أهداف عام 2023». واتهم أردوغان معارضيه بعرقلة سيره وحزبه نحو الأهداف تلك، قائلاً إن معارضيه يرفضون النظام الرئاسي، لأنه إن طُبّق، فـ«لن تبقى لهم لقمة عيش في البرلمان». إذاً، وبحسب أردوغان، كل من يعارض تركيز السلطة بيد حزبه، وعلى حساب سلطة البرلمان التشريعية والرقابية، هو مرتزق يعرقل مسيرة النهضة التركية. أما وزير الثقافة والسياحة التركي، عمر جليك، فارتأى أن يبدد أي التباس قد لا يزال قائماً حول رؤية حزب «العدالة والتنمية» لنفسه ولمعارضيه، فقال في اليوم نفسه إن "في تركيا حزبين يتنافسان في الانتخابات فقط، أحدهما حزب العدالة والتنمية ـ الذي يُعدّ حزب التغيير والقيم والديمقراطية ـ والثاني هو حزب الفوضى الذي يتشكل من بقية الأحزاب مجتمعة".
بحسب أردوغان، "استطاعت تركيا أن تنعم بالاستقرار والأمن خلال الـ12 عاماً المنقضية، وهذا بالطبع نابع من الثقة التي أولاها الشعب لحزب العدالة والتنمية الذي قمت بتأسيسه"، مستعرضاً الإنجازات التي قدمتها حكومة العدالة والتنمية للبلاد منذ مجيئها إلى السلطة في نهاية عام 2002. ويشرح أردوغان أن "معدل الدخل الوطني للبلاد قد ارتفع لنحو ثلاثة أضعاف، حيث وصل إلى 800 مليار دولار، بعد أن كان 230 فقط؛ وارتفعت الصادرات من 36 ملياراً إلى 158"، مشيراً إلى أن معدل فائدة الدين كان 63%، ووصل الآن إلى رقم من خانة واحدة، على حدّ تعبيره.
لكن العديد من المراقبين الاقتصاديين يشيرون إلى أن ما سُمّي «المعجزة» التركية هو في الحقيقة «فقاعة» ناتجة من سياسات بيع القطاع العام الواسعة وتشجيع الاستهلاك والاستدانة التي انتهجتها حكومات «العدالة والتنمية». ويرى هؤلاء أن ارتفاع معدلات المديونية والبطالة التي تشهدها البلاد أخيراً يؤشر إلى قرب انفجار «الفقاعة» غير القابلة للاستدامة. وفي هذا السياق، تشير مجلة «فوربس»، في مقال لـ«جيسي كولومبو» في الثالث من أيار من العام الماضي، إلى أن القروض للقطاع الخاص التركي قد تضاعفت بأكثر من 4 مرات منذ عام 2008، في حين نما الناتج المحلي الحقيقي للبلاد بما يقارب الثلث فقط، مضيفة أن جزءاً وازناً من ذلك النمو مدفوع من الدين. وتقول المجلة إن انتفاخ أسواق الأسهم المالية بالرساميل المضارِبة أدخل الشركات في «حمى اقتراض» تسببت في وصول الدين الخارجي التركي إلى مستوى قياسي بلغ حوالى 373 مليار دولار، أو 47% من الناتج المحلي للبلاد.
في سياق متصل، قال المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، فاتح بيرول، إن الغاز قد دخل "عصره الذهبي"، وإن السعي الأوروبي لتنويع مصادر الاتحاد من الطاقة، أي الكف عن الاعتماد على الغاز الروسي، يمنح تركيا فرصة الاستفادة من موقعها الجغرافي للتحول إلى «مركز للطاقة»، في إشارة إلى مشروع «ممر الغاز الجنوبي» الأوروبي الذي يهدف إلى استجرار غاز بحر قزوين ودول «الشرق الأوسط» إلى أوروبا. ومع ذلك، قال بيرول إن «مكانة تركيا الإقليمية والعالمية تحتّم امتلاكها للطاقة النووية» أيضاً.

(الأناضول، الأخبار)