أعلن رئيس شركة «غازبروم» الروسية، أليكسي ميلر، أن الشركة قررت البدء في إنشاء خط أنابيب الغاز المعروف باسم «السيل التركي»، وأنها باشرت الترتيبات اللازمة لبناء الجزء البحري من الخط الذي ينقل 63 مليار متر مكعب من الغاز في السنة.وينطلق الخط المذكور من مدينة روسكايا، جنوبي مدينة كرازنودار، ويعبر البحر الأسود ليدخل الشطر الأوروبي من تركيا ويصل إلى محطة استلام فيها، قبل أن يكمل طريقه إلى الحدود التركية ــ اليونانية، لإمداد دول الجنوب الأوروبي بـ47 مليار متر مكعب من الغاز، وفق «غازبروم».

وكانت مذكرة تفاهم بين «غازبروم» وشركة «بوتاس» التركية بشأن الخط المذكور قد وُقعت في كانون الأول من العام الماضي في أنقرة، خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ونقل عن ميلر الذي تحدث أمس، أن الاتفاقية المبرمة مع وزير الطاقة التركي، تانر يلدز، يوم الخميس الماضي، سيبدأ بناء عليها تسليم الغاز عبر الخط في كانون الأول من 2016. وتقرر بناء الخط كبديل من «السيل الجنوبي» الذي كان مقرراً مروره تحت البحر الأسود وعبر بلغاريا، لتوريد الغاز إلى دول البلقان، وهنغاريا، والنمسا، وإيطاليا. ويشار إلى أن روسيا تتهم بلغاريا ومن ورائها الاتحاد الأوروبي، بعرقلة المشروع.
في هذا السياق، ناقش كل من ميلر ويلدز تحديث خط «السيل الأزرق» الذي يغذي تركيا عبر البحر الأسود أيضاً، وطاقته 16 مليار متر مكعب، علماً بأن الشركتين الروسية والتركية كانتا قد توصلتا في آذار الماضي إلى اتفاق يقضي بمنح حسم على سعر الغاز الروسي الوارد إلى تركيا بنسبة 10.25%.
وفي إطار الصراع الروسي ــ الأوروبي حول إمدادات الغاز، بحث بوتين أول من أمس في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، سبل تطبيق الاتفاقات التي جرى التوصل إليها خلال زيارة الأخير لموسكو في نيسان الماضي، وشملت التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك مشروع نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر «السيل التركي»، إلى جانب شبكة نقل الغاز التي ستقام في اليونان.
بوتين أكد، خلال المكالمة، استعداد موسكو لتأمين دعم مالي للشركات اليونانية العامة والخاصة التي ستشارك في المشروع المذكور. وهذا التطور يكتسب أهمية خاصة على خلفية تعثر مفاوضات اليونان مع دائنيها الأوروبيين، فضلاً عن تضاؤل فرصة إفراجهم وصندوق النقد الدولي عن شريحة من القروض المقرر إعطاؤها لليونان، فيما تعاني الأخيرة ضائقة مالية شديدة، دفعتها، مع إصرار الدائنين على فرض أجندة من «الإصلاحات» تمس بـ«الخطوط الحمر» التي وضعتها حكومة تسيبراس اليسارية، وأيضاً إلى التلويح بإدارة ظهرها للاتحاد الأوروبي، واللجوء إلى تطوير علاقاتها مع روسيا تحديداً.
رغم ذلك، نقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» عن مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الطاقة تشكيكه في نجاح مشروع «السيل التركي»، ودعوته (روسيا) إلى التشاور مع الاتحاد الأوروبي حول الموضوع. كذلك نقلت الصحيفة نفسها عن الباحث في جامعة قدير هاس في إسطنبول، صولي أوزيل قوله: «بما أن الأميركيين والأوروبيين قد عبّروا عن تحفظاتهم (بشأن المشروع)، فهذا مؤشر (توقيع الاتفاقية مع غازبروم) على أن تركيا تريد أن تعمل وفق طريقتها الخاصة، وتحديداً في ما يتعلق بسياسة الطاقة».
وتقول «فاينانشال تايمز» إن مقربين من «غازبروم» قالوا إن الحكومة التركية مهتمة بالحسم الكبير الذي ستمنحه الشركة على أسعار الغاز، ولكن «عندما يتعلق الأمر بخروج دولة أطلسية عن الإرادة الأميركية والأوروبية في مسألة حيوية كأمن الطاقة، فهل سيبنى القرار التركي على حسابات الأسعار فقط، أم أنه يشي برغبة في تنويع سلة التحالفات الاستراتيجية؟».
(الأخبار، رويترز، الأناضول)