شهد مؤتمر مراجعة معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، المنعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، تحركات على هامشه وخلاله، مطالبة بالضغط على إسرائيل من أجل الانضمام إلى المعاهدة، إضافة إلى التطرّق إلى المفاوضات النووية مع إيران.قبيل انعقاد المؤتمر، بدا لافتاً عقد لقاء بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، جرى خلاله الاتفاق على ضرورة تصعيد الضغط الدولي على إسرائيل من أجل الانضمام إلى المعاهدة. فإسرائيل، التي تعارض الاتفاق النووي مع إيران، تحضر المؤتمر كمراقب لأول مرة منذ عام 1995، في إطار سعيها إلى «التقرب من العرب»، الذين يخشون من الطموحات النووية الإيرانية، فيما يُعتقد ـ على نطاق واسع ـ أنها الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك أسلحة نووية.

وفي هذا الإطار، أفاد مراسل «الأخبار» في القاهرة (أحمد جمال الدين)، نقلاً عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية، بأن مشاركة وزير الخارجية سامح شكري في المؤتمر، جاءت من أجل تفعيل المطلب المصري بإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى أن لقاء عقد بين شكري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، جرى خلاله الاتفاق على رؤى محدّدة «لتصعيد المطلب بالضغط الدولي على إسرائيل، للانضمام إلى معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية».
وأضاف المصدر أن لقاءات عدة عقدها شكري، خلال زيارته نيوريوك، مع عدد من المندوبين الدائمين للدول الأوروبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، «حملت تأكيدات مصرية على ضرورة أن يكون تعديل الموقف الدولي للضغط على إسرائيل، عبر صفقات السلاح التي يجري إبرامها وتهديدها»، لافتاً إلى «تلميحات مصرية ألقاها وزير الخارجية المصري، عن احتمال تفكير مصر في امتلاك السلاح النووي، خصوصاً أنه لا يعقل أن تنفرد دولة بسلاح دون غيرها».
أما في ما يتعلق بالتعاطي الأميركي مع الموضوع، فقد ذكر المصدر أن هناك مبادرات جيدة في هذا المجال تطرّق إليها حوار شكري مع نظيره الأميركي جون كيري، عبر الهاتف، قبل إلقاء كلمة مصر أمس أمام المؤتمر، معتبراً أن «الوقت أصبح مهيأً لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، بعد الاتفاق الذي توصلت إليه إيران مع القوى الغربية»، وموضحاً أن «هذا هو الرأي الذي توافق عليه شكري مع كيري».
وأكد المصدر أن «كيري وعد شكري بممارسة ضغوط على إسرائيل للموافقة على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، على أن يكون استخدامها في الأغراض السلمية». وعلى هذا الصعيد، قال المصدر إن «شكري طالب نظيره الأميركي بضرورة أن يكون الموقف الأميركي جاد، خلال الفترة المقبلة، ولا سيما في ظل التحديات التي تواجه المنطقة واحتمال استهداف مثل هذه الأسلحة في إسرائيل، الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة بيئية في الشرق الأوسط».
الحديث عن الضغوط المتوجّبة على إسرائيل، بلوره وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في كلمته باسم دول عدم الانحياز أمام المؤتمر، مطالباً بأن تتخلى إسرائيل عن «امتلاك الأسلحة النووية»، وأن تنضم إلى معاهدة الحد من الانتشار النووي.
وانتقد ظريف «فشل» الجهود لعقد اجماع يُخصَّص لمناقشة جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. وذكّر في كلمته، بإعلان صادر عن دول عدم الانحياز يعود إلى عام 2012، «يطلب من إسرائيل التخلي عن امتلاك الأسلحة النووية والانضمام إلى معاهدة الحد من الانتشار النووي، من دون شروط مسبقة ومن دون تأخير ووضع كل منشآتها النووية»، تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتدعم دول عدم الانحياز «بقوة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط».
ورغم أهمية الحدث الذي يحضره 190 من موقعي الاتفاقية والذي يستمر حتى الثاني والعشرين من أيار، إلا أن المفاوضات النووية تبقى العنصر الطاغي على المشهد العام. فقبيل انطلاق أعمال المؤتمر، قال ظريف للتلفزيون الإيراني: «فضلاً عن المشاركة في المؤتمر، جئنا إلى هنا للاستماع إلى الإيضاحات الأميركية بشأن ضمانات الإدارة الأميركية وسياساتها المحلية».
وأضاف: «نرى أن الحكومة الأميركية مسؤولة عن الوفاء بالتزاماتها الدولية بموجب القوانين الدولية. لا يمكن أي حكومة التملص من مثل هذه الالتزامات بسبب شؤونها المحلية».
ويبدو كلام ظريف إشارة إلى سعي أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لتشديد مشروع قانون، يمنح الكونغرس صلاحيات لمراجعة الاتفاقية النووية مع إيران، وهي خطوة يمكن أن تعقّد المحادثات أكثر.
وفي السياق ذاته، صرح الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، بأن الوكالة لا يمكنها تقديم ضمانات موثوقة، حول عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران.
وفي كلمته في مؤتمر مراجعة اتفاقية الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، قال إن «الوكالة ليست في وضع يمكنها من تقديم ضمانات موثوقة حول عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران».
وتعهّد أمانو ببذل كل ما في وسعه من أجل التحقق من القضايا ذات الأبعاد العسكرية المحتملة في هذا الصدد. ورأى أن «تنفيذ إيران لبنود البروتوكول الإضافي، سيمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تقديم ضمانات موثوقة حول عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران».
وبالتوازي، تناول جون كيري ــ في مقالة تشارك في توقيعها مع وزير الطاقة ارنست مونيز ــ قضية الاتفاق «التاريخي» الموقع مع طهران، بهدف التأكد من سلمية برنامجها النووي. وقال: «بالطبع لا شيء متفق عليه قبل الاتفاق على كل شيء. لا تزال قضايا مهمة بحاجة إلى حل في الأسابيع المقبلة، قبل تاريخ 30 حزيران». وأشار إلى أنّ «الهدف الاساسي (لما تم الاتفاق عليه) هو ــ ويبقى ــ منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وذلك من خلال دفع إيران إلى الامتثال لالتزاماتها في إطار معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية».
وربط الوزيران الأميركيان في النص، الذي نشرته مجلة «فورين بوليسي»، بين الملف الإيراني وأهمية «معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية» في الوقت الحالي، التي قالا إنها «ساعدت في الحفاظ على عالم آمن لـ45 عاماً»، وطالبا الدول المشاركة في المؤتمر تقديم توصيات تهدف إلى تعزيز هذه المعاهدة «التاريخية».
إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي نشر، أمس، أن غالبية كبرى من الأميركيين تؤيد الاتفاق-الإطار بشأن الملف النووي الإيراني، الذي أبرم في 2 نيسان في لوزان.
وافاد الاستطلاع، الذي اجرته جامعة كوينيبياك بأن 58 في المئة من الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم يدعمون هذا الاتفاق مقابل 33 في المئة يعارضونه. من جانب آخر، أعلن 77 في المئة من الأشخاص أنهم يفضلون اتفاقاً متفاوضاً عليه مع إيران، حول برنامجها النووي، بدلاً من تدخل عسكري.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)