ظهر يوم السبت الماضي، هز زلزال أرض النيبال، البلد الأسيوي الفقير، بشكل لم يسبق له مثيل منذ عشرات السنين. «مأساة وطنية»، قال وزير الإعلام في حكومتها، ميندرا ريجال، إن حصيلتها قد تصل إلى 4500 قتيل، ناهيك طبعاً عن الدمار الهائل الذي طال مباني أثرية تعد من التراث الانساني العالمي.
زلزال بلغت قوته 7.9 درجات بمقياس ريختر، مع هزات ارتدادية راوحت قوتها بين 5 و 6.6 درجات، حُدد مركزه جبال الهيمالايا الشاهقة على بعد 80 كيلومترا شمال غرب العاصمة كاتماندو، ووصلت ارتداداته إلى الهند والصين وبنغلاديش وباكستان، حيث وقع عشرات الضحايا، معظم في ولاية بيهار شرقي الهند، المتاخمة للنيبال؛
وتزدحم المستشفيات في النيبال بالقتلى والمصابين، فيما تواجه جهود الإغاثة التي تكثفت يوم أمس مصاعب جمة. انقطعت سبل المواصلات والاتصالات وخطوط الكهرباء نتيجة الدمار الهائل، وأغلقت السلطات المطار الدولي الوحيد في العاصمة كاتماندو، وحُوّلت وجهة جميع الرحلات إلى نيودلهي، ما عدا الرحلات التي تحمل مواد الإغاثة، يجري ذلك فيما أرسلت دول عدة فرقا للاغاثة إلى العاصمة المنكوبة، وإلى المناطق الريفية التي باتت معزولة عن العالم بفعل تضرر الطرقات وسكك الحديد. «الكثير من الجثث يجري انتشالها من المباني المدمرة كل ساعة»، يقول متحدث باسم الصليب الأحمر الاسترالي، موضحاً أن «الاتصالات معطلة في الكثير من المناطق، (حيث) الدمار المنتشر والانقاض وانهيارات التربة تمنع وصول (فرق الإغاثة) لتأمين المساعدات للعديد من القرى».
مدير الاتصالات الاقليمي في منظمة التخطيط الدولية قال إن مناطق ريفية ومدينية في النيبال شهدت انهيارات للتربة وقُطعت شوارعها، موضحاً أن «السكان ينامون في الشوارع ويطبخون في العراء؛ نحن نتحدث عن مناطق فقيرة جدا في النيبال، مناطق تعاني اصلا من الكثير». ومن جهته، قال مدير منطقة آسيا والمحيط الهادئ للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر، جاغان شاباغان، إن «الطرق تضررت أو سُدت بسبب السيول الوحلية، ما يمنعنا من الاتصال بالفروع المحلية للصليب الاحمر للحصول على معلومات دقيقة». تتخوف منظمات الإغاثة من سرعة نفاد المؤن الاساسية، فقد أعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر في بيان عن تخوفها من عدم كفاية مخزون بنك الدم التابع للصليب الاحمر في كاتماندو، وأنها طلبت العون من مكاتب اللجنة في كل من دبي وكوالالمبور؛ فيما روت اليانور ترينشيرا، المنسقة في منظمة كاريتاس استراليا، مشاهدتها «مستشفيات أخليت وبات المرضى يعالجون في الخارج وعلى الارض» وسط الدمار.
وكان الناجون من الزلزال قد أمضوا ليلتهم في العراء على الرغم من البرد، خوفاً من انهيار المباني التي تضررت بفعل الزلزال وهزاته الارتدادية، فيما انهارت مئات المنشآت في البلاد، بينها مبان تاريخية عديدة.
وغطى الغبار أجواء كاتماندو، منبعثاً من أنقاض مبان عديدة ومعالم تاريخية دمرها الزلزال، من بينها برج داراهارا البالغ ارتفاعه 60 مترا، الذي بني عام 1832. وفيما كانت الجثث تُسحب من تحت أنقاضه قال رجل شرطة إن ما يصل إلى 200 شخص محاصرون في داخله. وفي أنحاء المدينة تدافع رجال الإنقاذ بين الأنقاض، وبينها ركام معابد هندوسية خشبية متهالكة. وأخبر الكاتب والمصور النيبالي كاشيش داس شريستها بعد زيارة قام بها للجزء القديم من كاتماندو أن «كل المعابد التي تعود إلى القرون الماضية أصبحت أثرا بعد عين»، واصفاً الزلزال بـ»المأساة الوطنية».
ويُعد زلزال السبت الأسوأ منذ 81 عاما، حين تسبب زلزال عام 1934 بمقتل 17 ألف شخص، معظمهم في كاتماندو؛ علما أن أقوى زلزال سُجل في العقود الأخيرة كان بقوة 9.5 درجة على مقياس ريختر، وضرب جمهورية تشيلي في أيار من عام 1960، مخلفا 1655 قتيلا، يليه زلزال بقوة 9.1 درجة وقع قبالة جزيرة سومطرة الأندونيسية في كانون أول من عام 2004، تسبب في حدوث موجات مد عاتية (تسونامي) ومقتل نحو 230 ألف شخص، ودمار هائل واسع النطاق.
(أ ف ب، الأخبار)