موسكو ــ حبيب فوعاني
انتهت مسيرة «غير الموافقين»، التي دعا إليها ائتلاف «روسيا الأخرى» في موسكو أوّل من أمس، والتي ضمّت خليطاً من «البلشفيين ــــــ القوميين» و«الليبراليين» و«الفوضويين»، باحتجاز زعيم «الجبهة المدنية المتحدة» وبطل الشطرنج الدولي السابق غاري كاسباروف لمدة 10 ساعات وتغريمه مبلغ ألف روبل (نحو 40 دولاراً) بتهمة مخالفة القانون، ومحاولته مع أنصاره، الذين احتُجز بينهم 170 شخصاً، القيام بمسيرة من ساحة بوشكين إلى ساحة تورغينيف، حيث سمحت لهم سلطات موسكو بالتجمع هناك فقط.
وشدّد كاسباروف، في لقاء مع إذاعة «صدى موسكو» بعد الإفراج عنه أمس، على أنّ «المعارضة» تنوي الاستمرار بأعمال الاحتجاج ونقلها إلى المدن الروسية الأخرى.
ويُعدّ دخول كاسباروف (44 عاماً) أحد مخافر شرطة موسكو، تعبيراً عن الأزمة الأيديولوجية التي يعانيها «الديموقراطيّون» الروس؛ فقد بدأت معاناتهم منذ فشلهم في دخول البرلمان في الانتخابات النيابية في نهاية عام 2003 رغم وجودهم في الحكم بشكل أو بآخر منذ عام 1991 حتى نهاية الولاية الرئاسية الأولى لبوتين في بداية عام 2004، حيث نال حزب «روسيا الموحّدة» الموالي لبوتين 36.84 في المئة من الأصوات، بينما لم يحصل «اتحاد القوى اليمينية» سوى على 3.93 في المئة ونال حزب «يابلوكو» 4.32 في المئة، وبالتالي لم يحصد الأخيران نسبة الـ5 في المئة المقرّرة كحدّ أدنى لدخول البرلمان.
ويأمل كاسيانوف وكاسباروف، وهما أكبر زعيمين «ليبراليين» روسيين، استعادة «المجد الغابر» للحركة الديموقراطية الروسية. ويعلنان عن نيّتهما الترشّح لمنصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة، التي ستجري في 2 آذار 2008.
لكن إعادة إنتاج الحقبة «الليبراليّة» تكبحها ذاكرة المواطنين الروس التي لا تزال تؤرقها أيّام حكم الرئيس بوريس يلتسين واليمينيين التي انطبعت بالفساد والفقر والاضطرابات الاجتماعية وبروز طبقة «الأوليغارشيين». ولم ينس الروس لقب «ميشا 2 في المئة»، الذي ألصق بكاسيانوف عندما كان رئيساً للوزراء، لاقتطاعه (كما يقال) عمولة بنسبة 2 في المئة من قيمة أيّ صفقة تجارية تعقدها الحكومة مع رجال الأعمال الروس أو الأجانب في مقابل توقيعه وثائقها.
أما ترشيح كاسباروف لمنصب الرئاسة فيبدو كنكتة، على الأقلّ لأنّه ليس روسياً ولم يولد في روسيا بل في العاصمة الأذربيجانية باكو، أيام كانت مدينة سوفياتية. وفي عام 1985، حصل على لقب بطل العالم في الشطرنج في مواجهة المدلل من النظام السوفياتي أناتولي كاربوف، واعتبر ذلك انتصاراً للتفكير «الغورباتشوفي» (نسبة إلى الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف) الجديد على البيروقراطية الحزبية.
وانتقل كاسباروف إلى موسكو عام 1990 وبدأ مسيرته السياسية.