غزة ــ رائد لافي
وقف رابع لإطلاق النار وعباس اليوم في غزة ومطالبات بفرض قانون الطوارئ


شهدت مدينة غزة أعنف معارك الاقتتال الداخلي الفلسطيني، سقط خلالها 17 قتيلاً فلسطينياً وأصيب أكثر من عشرين آخرين بجروح، قبل أن تعلن «حماس» وقفاً للنار من جانب واحد، تلته أوامر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوقف إطلاق النار، غير أنّ المواجهات استمرّت وأدّت الى قتيل و7 جرحى، وسط دعوات من «فتح» إلى إعلان حالة الطوارئ والانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية.
وشهد منزل مدير الأمن الداخلي اللواء رشيد أبو شباك في حي تل الهوا، جنوب غرب المدينة، أعنف المواجهات بين «فتح» والأجهزة الأمنية من جهة، و«حماس» والقوة التنفيذية التابعة لها من جهة ثانية، استمرت لساعات وأدت إلى مقتل ستة من حراس المنزل، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن مسلحين من حركة «حماس»، حاصروا منزل أبو شباك عند الساعة الثالثة فجراً، وأمطروه بوابل من النيران والقذائف، وسط مقاومة شرسة من حراس المنزل، إلى أن تمكنوا من اقتحامه مع ساعات الصباح الأولى، وأضرموا فيه النار.
وبحسب المصادر الأمنية نفسها، فإن اللواء أبو شباك لم يكن لحظة الهجوم في المنزل، الذي تمكن حراسه من إجلاء بعض أفراد أسرته إلى منزل مجاور قبل عملية الاقتحام، حيث لم يصب أحد منهم بأذى.
ووصفت حركة «فتح» الهجوم على منزل أبو شباك بأنه «مجزرة»، في وقت اعتبرت فيه «حماس» الهجوم «رد فعل» على استفزاز حراس المنزل لعناصرها وإطلاق النار عليهم.
وفي وقت لاحق، حاصرت قوات من الأمن الوطني والأجهزة الأمنية، برجي النور والصالح المطلّين على منزل أبو شباك، بعدما تحصنت فيهما مجموعة من مسلحي حركة «حماس».
وقالت مصادر تابعة لحركة «حماس» إن حرس الرئيس محمود عباس أعدم عدداً من عناصر القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية، فيما قال بيان لجهاز الأمن الوقائي إن عناصر من «كتائب القسام» استهدفت سيارة رباعية الدفع كانت تقل خمسة معتقلين من القوة التنفيذية، فقتلتهم إضافة إلى سائق السيارة وضابط في الجهاز.
وكما جرت العادة، فقد اختلفت روايتا الطرفين في كل حادثة على الأرض، مع محاولة كل منهما تجيير ما يدور لمصلحته والظهور كضحية، في وقت غابت فيه الرواية الثالثة المحايدة، جراء تحول شوارع غزة إلى «غابة من البنادق»، وسط أجواء من الرعب أجبرت السكان على التزام منازلهم.
وفي حادثة منفصلة، اتهمت «حماس» حرس الرئيس بإعدام سائق سيارة أجرة يدعى علي طه سعد، المقرب من الحركة، بعد اختطافه، فيما قالت «فتح» إنه قتل برصاص قناص من «حماس».
وقتل ضابطان، أحدهما يدعى عبد الكريم المصري من جهاز الأمن الوقائي، والثاني ضابط في الأمن الوطني لم تعرف هويته، في حادثين منفصلين في حي تل الهوا، وقرب المقر الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في شارع الثلاثيني، وسط المدينة.
وأصابت قذيفة محول الكهرباء الذي يغذي منطقة حي تل الهوا بالتيار الكهربائي، خلال اشتباكات عنيفة اندلعت بين أنصار الفريقين في محيط المقرّ الرئيسي لجهاز الأمن الوقائي.
وكان قتيلان قد سقطا في مدينة غزة، في ساعة متقدمة من مساء الثلاثاء، وقبل وقت قصير من دخول اتفاق التهدئة الثالث في غضون ثلاثة أيام حيز التنفيذ، في وقت أطلق فيه مسلحون النار على إحدى سيارات اللجنة المكلفة مراقبة تنفيذ الاتفاق، أثناء مرورها في محيط المربع الأمني قرب منزل الرئيس محمود عباس في المدينة.
واتهمت «حماس» عناصر من الأجهزة الأمنية باستهداف السيارة التي كانت تقلّ ممثلها في المكتب المشترك مع «فتح» أيمن طه، والمتحدث باسم رئاسة الوزراء غازي حمد، وأحد أعضاء الوفد الأمني المصري المشرف على الاتفاق، ما أدى إلى إصابة الأخير بجروح طفيفة.
وقال رئيس الوفد الأمني المصري اللواء برهان حماد المقيم في غزة أمس إن قادة «حماس» و«فتح» لا يمثلون المتقاتلين في شوارع القطاع ولا يملكون القدرة على أمرهم بوقف إطلاق النار. وأضاف «أنا بدأت أعتقد أننا تكلمنا مع آخرين لا يمثلون من يتقاتلون في الشارع، هناك آخرون مسؤولون عما يحدث، والذين يجلسون معنا على الطاولة لا يملكون القرار، لأن إطلاق النار استمر بعد كل ما قيل على الطاولة».
وفي وقت لاحق، قال المتحدث باسم «حماس» فوزي برهوم إن الحركة دعت إلى وقف لإطلاق نار من جانب واحد يبدأ سريانه اعتباراً من الساعة الثامنة من مساء أمس.
وبعد برهوم، أعلن مكتب رئيس السلطة الفلسطينية أن محمود عباس أمر أجهزة الأمن التابعة له بوقف إطلاق النار «على الفور» في قطاع غزة.
وكان وزير الإعلام الفلسطيني والمتحدث باسم الحكومة مصطفى البرغوثي قد أعلن أن عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل اتفقا خلال اتصال هاتفي الأربعاء على «ضرورة وقف الأحداث الدموية». وأضاف «ان الاتصال المطوّل بين عباس ومشعل بحث بعمق الخلافات».
وأعلن نائب رئيس الوزراء الفلسطيني عزام الأحمد أن عباس سيتوجه اليوم الخميس إلى غزة. وقال إن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ناقشت في اجتماعها أمس، برئاسة عباس في رام الله، إعلان حالة الطوارئ في غزة.
ورأت اللجنة التنفيذية «أن ما جرى في قطاع غزة منذ أيام يمثل مشروع انقلاب على الأجهزة الأمنية الشرعية ومن أجل فرض شرعية المليشيات المسلحة بقوة السلاح على حساب شرعية الأمن الوطني الفلسطيني، وخصوصاً فرض دور المليشيا التابعة لحماس المسماة القوة التنفيذية وكأنها هي قوة الأمن الشرعية البديلة عن قوات الأمن المشروعة».
وفي ردود الفعل العربية والدولية، دعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية الفلسطينيين الى الحوار ووقف الاقتتال، مشيراً الى امتعاض خليجي من عودة العنف بين «فتح» و«حماس».


أنا بدأت أعتقد أننا تكلمنا مع آخرين لا يمثلون من يتقاتلون في الشارع. هناك آخرون مسؤولون عما يحدث، والذين يجلسون معنا على الطاولة لا يملكون القرار لأن إطلاق النار استمر بعد كل ما قيل على الطاولة