بات لمتتبّعي تطوّرات أزمة الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا موعد جديد لانتظاره، علّه يحسم الخلاف الأميركي ـــ الروسي حول طبيعة هذه الدرع وجدواها وعنوانها، في وقت دعا فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اتخاذ خطوات عمليّة لإعادة رسم النظام الاقتصادي العالمي ليعكس الدور المتزايد للدول الصاعدة السريعة النمو. ورأى بوتين، الذي تعهّد بمنع تحويل «نادي الثماني» إلى ناد «للقطط السمان»، أنّ منظّمة التجارة الدولية، التي تسعى روسيا إلى الانضمام إليها من دون نتيجة حتى اليوم، أصبحت «هيئة غير ديموقراطية وتعمل بطريقة قديمة».
أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فقد كشف من جهته عن لقاء من المقرر أن يعقده وزيرا خارجية ودفاع كلّ من البلدين وخبراء روس وأميركيون في الأول والثاني من تموز المقبل خلال القمة الروسية ـــ الأميركية. وقال لافروف إن اقتراح موسكو للاستخدام المشترك لمحطة الرادار التي تستأجرها روسيا في منطقة غابالا الأذرية، لا يزال قائماً، مبدياً اندهاشه من رد فعل المجتمع الدولي على اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بما في ذلك الآراء التي اعتبرت أن الأخير اعترف، خلال الاقتراح، بوجود تهديد حقيقي من جانب إيران، في إشارة إلى تصريحات في هذا الشأن للمتحدّث باسم البيت الأبيض طوني سنو.
ودعا لافروف الولايات المتحدة إلى إعطاء الاقتراح الروسي فرصةً للنجاح، من خلال تعليق المحادثات بشأن إنشاء قاعدة الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية مع بولندا وتشيكيا. وأشار إلى أن المقترح الروسي لا يعتبر تكملة لمخطط نشر عناصر منظومة الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا، بل هو «يجعل مثل هذه المخططات غير ضرورية»، رافضاً فكرة مشاركة موسكو في نظام الدرع الأميركية.
ولم يغب ملف الأزمة النووية الإيرانية عن انتقادات الوزير الروسي، فاعتبر أن الدرع الأميركية «ربما تؤدي إلى إفشال جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة لحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، وإضعاف رغبة إيران في التعاون بصورة منفتحة».
وأجمعت مختلف أطراف الطيف السياسي ـــ الطائفي في العراق على رفض فكرة نشر منظومة أميركية مضادة للصواريخ على أراضي بلاد الرافدين، معتبرة الاقتراح الروسي «انتقاصاً من سيادة العراق واستقلاله»، لأنه سيجعل من بلدهم «ساحة حرب دولية، ويخلق أعداء خارجيين ومشاكل جديدة يمكن أن تسبب توترات سياسية خارجية».
وحول الموضوع نفسه، صدرت تصريحات متناقضة للقيادات الإيرانية، إذ أعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، عزم بلاده البحث مع روسيا في الاقتراح المذكور، مشدّداً على مجالات التعاون المشتركة الكثيرة بين البلدين. إلا أن البرلمان الإيراني حذّر من النتائج المحتملة للعرض الروسي.
وقال متحدث باسم لجنة السياسة الخارجية والأمن في البرلمان، لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية، إن «أجهزتنا الدبلوماسية يجب أن تتعامل بحسم مع هذه المبادرة لكي لا تسمح بأن تصبح إيران أداة لتسوية الخلافات بين القوى العالمية».
وفي سياق متّصل بالعلاقات الأطلسية ـــ الروسية، يبدأ غداً اجتماع طارئ في فيينا لبحث اتفاقية القوات التقليدية في أوروبا ومستقبل الحدّ من الصواريخ التقليدية، وذلك بدعوة من موسكو التي أعلنت تعليق الاتفاقية، من جانب واحد، أواخر نيسان الماضي، بحجّة أن حلف الأطلسي لم يصدّق على النسخة المعدّلة من المعاهدة.
أمّا في الشأن الداخلي الروسي، فقد ذكرت صحيفة «كومرسنت» الروسية، أول من أمس، أن بوتين لم يستبعد ترشيح نفسه لولاية جديدة في 2012. وكان بوتين قد قال رداً على سؤال في ختام قمة الثماني إن «هذا أمر ممكن، والدستور لا يمنعه، لكن 2012 لا يزال بعيداً، ولم أفكّر في الأمر بعد».
(يو بي آي، أ ف ب، د ب أ، أ ب، رويترز)