باريس ــ بسّام الطيارة
المعارضة تراهن على «الرعب من التسلط» للتخفيف من حدّة خسارتها


يخوض الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاختبار الحقيقي الأول له في مضمار السياسة الخارجية في إطار قمة مجموعة الثماني، وهو مطمئن البال إلى ما يمكن أن تؤول إليه الانتخابات النيابية التي تجري دورتها الأولى غداً الأحد. وهو يستطيع أن «ينام على حرير»، فالاستطلاعات الأخيرة تؤكد أن النتيجة ستكون على شكل «تسونامي يميني» يعطي حزب الرئيس المنتخب أكثرية «أكثر من مريحة» تسمح لزعيمها ساركوزي بـ«فعل ما يشاء» وتطبيق البرنامج الانتخابي الذي وعد به.
لكن يبدو أن هذا «الانتصار المنتظر والمعلن عنه مسبقاً» يمكن أن يسبب بعض البلبلة لليمين، الذي يتخوف من الاستعمال التواصلي لهذه «النتائج المعلنة مسبقاً» والذي يمكن أن تلجأ كل القوى الأخرى للتلويح بـ«أخطار هيمنة الحزب الواحد»، ذلك أن الاستطلاعات تعطي حزب الرئيس «حركة الأكثرية الشعبية» إمكان الحصول على ٤٢٠ مقعداً على أقل تقدير، من أصل ٥٧٧، عدد أعضاء المجلس النيابي. إلا أن هذه الحسابات تشمل الدورتين، ومن المستبعد أن يتم حسم مصير أكثر من مئة مقعد في الدورة الأولى. وهذا ما يفتح باب العمل على عامل «الخوف من الهيمنة» قبل الدورة الثانية، ما يمكن أن يدفع الناخبين إلى «استدراك وتصويب» التصويت في الدورة الثانية.
وحتى قبل الوصول إلى فترة ما بين الدورتين، تلعب أحزاب المعارضة على وتر الخوف من «الهيمنة الساركوزية»، وتحاول من الآن إدخال عامل «الرعب من تسلط الساركوزية» في نفوس الناخبين.
وبدا ظاهراً أن الحزب الاشتراكي الذي بدأ يستعيد رشده بعد «الاضطراب» الذي أصابه، والذي يتفق الجميع على أنه لا يعود لنتيجة الانتخابات الرئاسية، بل للصراع داخل أجهزة الحزب، سيجعل من شعار «الهيمنة» حصان معركته النيابية في محاولة للحد من «خسارته المعلنة».
وهذا ما تفعله يومياً سيغولين رويال، التي عادت إلى واجهة الحدث الإعلامي الانتخابي. وهي رغم عدم ترشحها، انسجاماً مع ما كانت قد أعلنته خلال حملتها الانتخابية من رفضها مبدأ احتكار سياسيي الصف الأول للمناصب المنتخبة، فهي تجول فرنسا طولاً وعرضاً لدعم المرشحين الاشتراكيين. وفي آخر مهرجان انتخابي لها، جعلت خطابها على شكل «نداء وتنبيه من مخاطر ترك كل مقاليد السلطة في يد واحدة، محذرة من أنه في حال حصول ساركوزي على أكثرية ساحقة فهو سيحكم من دون أي إمكان للتصدي لـ«ما يحضِّره من مشاريع للمجتمع الفرنسي» لغياب أي انتخابات خلال السنوات الخمس المقبلة.
وشددت رويال على «أن فاتورة ما يعده اليمين ستكون مالحة جداً» في حال انعدام أي معارضة ذات وزن تسمح بتخفيف وطأة القوانين الليبرالية الجديدة. وكذلك هي حال معظم القوى السياسية التي تركز على خطر انتصار ساحق لليمين.
وقد بدا ظاهراً «نجاح نسبي» لحملة التخويف هذه، إذ تراجعت التقديرات التي تعطي حزب ساركوزي قليلاً، فبعدما كانت تقدر عدد نواب حزب الأكثرية الممكن أن يصلوا إلى «قصر بوربون» مركز المجلس النيابي بما بين ٤٢٠ و٤٦٠ نائباً بات العدد يتراوح ما بين ٣٩٠ و٤٢٠ نائباً.
إلا أن هذا لا يمنع المحللين السياسيين من الإشارة إلى «الخلل في النظام الانتخابي الحالي» بسبب اعتماده على نظام الدورتين الذي لا يسمح إلا بوصول نواب عن التكتلات الكبيرة. فحزب الأكثرية قد يحصل، بحسب آخر الاستطلاعات، على نحو ٤٣ في المئة من الأصوات ليوصل ٧٥ في المئة من نواب المجلس. بينما تعطي الاستطلاعات الحزب الاشتراكي نحو الـ ٢٧ في المئة من أصوات المنتخبين مع إمكان وصول نحو مئة نائب، أي ١٧ في المئة من عدد النواب. ويبدو الوضع أكثر «دراماتيكية» مع الأحزاب الصغرى مثل حزب الوسط المتوقع ألا يحصل على أكثر من نائب أو نائبين، مثلما هو الحال مع الحزب الشيوعي الذي يمكن أن يفوز في أحسن الحالات بـ ٧ نواب، بينما من المستبعد أن يحصل جان ماري لوبن على أي مقعد.
وهذا ما يدفع عدداً كبيراً من الأحزاب والجمعيات المدنية إلى المطالبة بتغيير النظام الانتخابي وإدخال بعض «نبضات من النسبية» مثلما هو الحال في معظم الدول الأوروبية.