يتسابق الرئيس الأميركي باراك أوباما مع معارضيه ومنتقديه في قراءة ما بين السطور، مرابطاً خلف مايكروفون حيناً وأوراق الصحف وشاشات القنوات الأميركية أحياناً أخرى، من أجل الرد على الانتقادات السابقة واستباق أي اعتراض مقبل على الاتفاق النووي مع إيران، الذي من المفترض أن يُوقَّع في 30 حزيران. آخر ما اصطلح عليه من ضمن التسميات التي تطلق على استراتيجيته: «إيران وعقيدة أوباما»، وهو عنوان مقابلة الصحافي توماس فريدمان التي أجراها مع الرئيس الأميركي، في صحيفة «نيويورك تايمز» ، قبل يومين. ولكن «عقيدة أوباما» لا تسري فقط على الاستراتيجية المتبعة مع «الحلفاء» و«الأعداء»، إنها تنم عن مقاربة أميركية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، قد يعكسها الأسلوب المنتهج في إطار التحشيد للاتفاق مع إيران، الذي وصفه أوباما بـ«فرصة العمر».
خلال ترويجه للاتفاق، سلك الرئيس الأميركي، أخيراً، طريق الانتقاد اللاذع غير المسبوق، عندما تحدث عن حلفائه الخليجيين، قائلاً إن التهديد الذي يحيط بدولهم، ليس من قبل إيران، ولكن بسبب سياساتهم الداخلية، الأمر الذي يشكل سابقة في سياق التصريحات الرئاسية الأميركية، تجاه الأنظمة الخليجية.
أصرّ أوباما على أن الاتفاق المبدئي الذي أبرم مع إيران يعتبر فرصة العمر

الرئيس الأميركي كان قد ذكر، الأسبوع الماضي، أنه سيلتقي مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي الست، خلال الربيع في منتجع كامب ديفيد خارج واشنطن، لمناقشة قضايا منها مخاوف هذه الدول بشأن الاتفاق النووي مع إيران.
وفي المقابلة مع «نيويورك تايمز» التي قال توماس فريدمان إنها أتت بناءً على دعوة من أوباما، جدّد الرئيس الأميركي تأكيده أنه يريد أن يناقش مع الحلفاء في الخليج كيفية بناء قدرات دفاعية أكثر كفاءة وطمأنتهم إلى دعم الولايات المتحدة لهم في مواجهة أي هجوم من الخارج، مضيفاً أن «هذا قد يخفّف بعضاً من مخاوفهم ويسمح لهم بإجراء حوار مثمر بشكل أكبر مع الإيرانيين».
«أكبر خطر يتهددهم ليس التعرض لهجوم محتمل من إيران... بل السخط داخل بلادهم، بما في ذلك سخط الشبان الغاضبين والعاطلين والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم»، قال الرئيس الأميركي، مضيفاً أنه «لذلك مع تقديم دعم عسكري ينبغي للولايات المتحدة أن تتساءل كيف يمكننا تعزيز الحياة السياسية في هذه البلاد، حتى يشعر الشبان السنّة بأن لديهم شيئاً آخر يختاروه غير تنظيم داعش». أوباما أجاب عن هذا التساؤل بالقول إنه «حوار صعب نجريه، لكن ينبغي لنا المضي فيه».
«أعتقد أنه عند التفكير في ما يحدث في سوريا، على سبيل المثال، هناك رغبة كبيرة لدخول الولايات المتحدة هناك والقيام بشيء»، قال أوباما الذي أضاف: «ولكن السؤال هو: لماذا لا نرى عرباً يحاربون الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب ضد حقوق الإنسان أو يقاتلون ضد ما يفعله (الرئيس السوري بشار) الأسد؟».
هذا التصريح يمكن أن يحمل في طياته بالنسبة إلى البعض انسحاباً أميركياً من الدور المحوري في المنطقة، كقائد للحروب التي تخاض فيها، إلا أنه بالنسبة إلى البعض الآخر، خصوصاً للمحلّلين المقرّبين من صنّاع القرار في السعودية، يضمر فرضية يمكن الترويج من خلالها لـ«تدخل عربي في سوريا»، مثلاً. «هل فتح أوباما الطريق لتدخل عربي في سوريا أم أنها استجابة لتحولات السياسة وميزان القوى فرضته عاصفة الحزم؟ لا يهم، المهم أنه واقع جدي»، قال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي مسارعاً إلى تلقف كلام أوباما، غير آبه في سياق تغريداته عن الموضوع على موقع «تويتر»، للانتقاد الأميركي للسياسات الخليجية الداخلية.
إسرائيل وضع آخر بالنسبة لباراك أوباما، هو يحاول جهده أن لا يصبغ نفسه بصبغة «المعادي للساميّة» أو «المعادي لإسرائيل» بين الإسرائيليين واليهود الأميركيين. وفي المقابلة مع توماس فريدمان، أكد أن أي إضعاف لها خلال عهده أو بسببه هو شخصياً، سيشكل «فشلاً ذريعاً لرئاسته». وقال: «حتى خلال الخلافات التي حصلت بيني وبين رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو حول إيران وحول المسألة الفلسطينية في آن واحد، فأنا كنت دوماً ثابتا في التأكيد أن دفاعنا عن إسرائيل لا يتزعزع».
ولكنه أصرّ على أن الاتفاق المبدئي الذي أُبرم مع إيران، يعتبر «فرصة العمر لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا، على الأقل، أن نرفع القضية النووية عن الطاولة».
في هذه الأثناء، كثّف جمهوريون في مجلس الشيوخ من مطلبهم بالسماح للكونغرس، بإجراء تصويت على الاتفاق النووي مع إيران، لكنهم أشاروا إلى أنهم على استعداد للانتظار لحين استكمال الاتفاق المبدئي الذي حصل، الأسبوع الماضي، قبل اتخاذ موقف.
ورأى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس السناتور بوب كوركر أن «على الرئيس (باراك أوباما) إقناع الشعب الأميركي بهذا (الاتفاق) ويتعيّن أن يكون الكونغرس طرفاً».
(الأخبار، رويترز)