غالب ومغلوب. هكذا هي حقيقة الصراعات في العالم منذ القدم. فقط من يعيش مغمض العينين يسمّي النهايات بأنها نتيجة تسوية.ما حصل أمس في لوزان، كان نتيجة مواجهة قاسية مستمرة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وتولي الغرب بقيادة الولايات المتحدة إدارة شؤون العالم من دون معترض أو رادع. نتيجة هذه المواجهة، كانت ببساطة: الغرب يرضخ!
سيخرج كثيرون في المنطقة والعالم يبحثون عن صياغات لعبارات وتعليقات بقصد القول إن إيران هي التي خسرت. لكن إذا وضعنا الأحقاد التي تسكن عقل الفاشلين على حدة، يمكننا الاستماع فقط الى تبريرات الرئيس الأميركي باراك أوباما لخطوة الاتفاق مع إيران. قال باختصار واضح: لقدر جربنا كل شيء مع إيران، وبتنا أمام خيارين، إما الحرب وإما الاتفاق، وقد اخترنا الاتفاق!

أوباما لم يقل بأن الحرب هي خيار غير واقعي، لكن الحقيقة هي كذلك. والأهم، هي أن الغرب لم يقرّ أمس بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية، بل هو أقر بحق أي شعب لديه قيادة حكيمة وقادرة، ولديه وحدة ومثابرة، بأن يحصل على كل حقوقه. وسوف نشهد في السنوات المقبلة المزيد من التمرد على سلطة أميركا والغرب.
بين يوم أمس وتاريخ الثلاثين من حزيران المقبل، مدة زمنية سوف يسعى خصوم إيران، لا خصوم الولايات المتحدة، إلى نسف الاتفاق، أو لنصب كمائن متنوعة بقصد تفجيره. وهذه المرة، سوف يضطر هؤلاء الى الأخذ بالاعتبار أن العبوات سوف تنفجر بالمركبات الأميركية والأوروبية قبل أن يصل صداها الى إيران.
من يقف في جانب الخيّر في هذا العالم، لديه وسيلة سهلة لمعرفة كيفية التعامل مع الحاصل. يكفي أن يرى الغضب عند اليمين العالمي الذي يريد الاستمرار في قهر الشعوب، ويكفيه أن يرى الغضب عند إسرائيل، الكيان العنصري وعدو الإنسانية، ويكفيه أن يرى الغضب عند أنظمة التخلف والظلامية في الشرق الأوسط، وعندها يدرك جيداً أن ما يريده هؤلاء هو ما يصبّ في صف الشر.
ما حصل أمس، ينطبق عليه وصف الخطوة التاريخية. كان أوباما أفضل من عبّر عن حقيقة ما حصل. لقد لامس حقائق في مجريات التفاوض تعكس حقيقة موازين القوى على الأرض، وهو لم يكن سعيداً لكي يتحدث عن انتصار جديد لأميركا، لكنه كان أقرب الى القول إنه ليس هناك من خيار آخر...
لكن ذروة المأساة عند خصوم إيران، في كل العالم، أنهم سمعوا أوباما يختم خطابه أمس، قائلا: لبّيك يا خامئني!