دشنت تركيا وأذربيجان، يوم أمس، بناء خط أنابيب الغاز الطبيعي «تاناب»، لضخ الغاز من حقل شاه دينيز الأذري عبر الأناضول إلى تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، في وقتٍ أبدت فيه بروكسل قلقها من المشروع الروسي لنقل الغاز عبر تركيا.ففيما يعوّل الاتحاد الأوروبي على مشروع «تاناب» لخفض اعتمادها على الغاز الروسي، تتسع مخاوفها من المشروع الذي أطلقه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أنقرة في كانون الأول الماضي، حين أعلن تخلّي بلاده عن خط «ساوث ستريم» لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر بلغاريا، لمصلحة مشروعٍ آخر يمرّ عبر تركيا. وبدلاً من ذلك المشروع الذي تبلغ تكلفته 40 مليار دولار، وينقل 63 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى أوروبا، أعلنت شركة تصدير الغاز الروسية «غازبروم»، نيتها مد خط أنابيب غاز تحت البحر الأسود وبالطاقة نفسها إلى محطة على الحدود بين تركيا واليونان بحلول عام 2016.

وأكد المسؤول عن قطاع الطاقة في المفوضية الأوروبية، ماروس سيفكوفيتش، ضرورة التشاور مع الاتحاد الأوروبي بخصوص أي قرار لمدّ خط أنابيب لنقل الغاز الروسي عبر تركيا، مشدداً على أن مثل هذه الخطوة لا ينبغي أن تخالف أي التزامات قانونية سابقة عليها.
وخلال زيارته تركيا، قال سيفكوفيتش إن الاقتراح الروسي لم ترد عنه أي تفاصيل، مضيفاً أن الخطة يجب أن تكون مجدية اقتصادياً ومتوافقة مع التزامات «غازبروم» المنصوص عليها في عقود طويلة الأجل مع عملائها في أوروبا. وتابع سيفكوفيتش، في مؤتمر صحافي في أنقرة مساء أول من أمس: «حين نتحدث عن إمدادات ضخمة للعملاء في أوروبا لا يمكن تبني مثل هذا القرار من دون مناقشته معهم أو من دون التحدث مع الاتحاد الأوروبي ومع المفوضية الأوروبية». وعبّر سيفكوفيتش عن قلقه من احتمال تحويل الإمدادات من مساراتها الحالية عبر أوكرانيا إلى الخط التركي المقترح.
والمشروع الذي دشنه يوم أمس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيراه الأذري إلهام علييف والجورجي جيورجي مارغفيلاشفيلي، سيكون قادراً على ضخ 16 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، لترتفع قدرته بعد ذلك إلى 23 ملياراً في 2023، ثم 31 ملياراً في 2026، وسيتصل بخط أنابيب جنوب القوقاز الحالي الذي يربط تركيا بحقول النفط الأذرية في بحر قزوين عبر جورجيا. وعند إنجازه المتوقع عام 2018، سيسمح خط الأنابيب المدعوم منذ سنوات من بروكسل، بتلبية 20% من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز، بحسب المفوضية.
ورغم تصريح وزير الطاقة التركي، تانر يلديز، سابقاً بأن المشروع الروسي ليس منافساً لخط أنابيب «تاناب»، تثير الشراكة الروسية التركية مخاوف لدى الاتحاد الأوروبي، ظهرت جلياً بعد زيارة بوتين تركيا في نهاية العام الماضي. الزيارة الروسية آنذاك نتجت منها زيادة سعة أنبوب «بلوستريم» للغاز، فأصبحت بذلك صادرات الغاز الروسي إلى تركيا أكثر بثلاثة مليارات متر مكعب، في الوقت الذي تشتري فيه تركيا 60% من حاجتها النفطية من روسيا، لتكون ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي الروسي بعد ألمانيا، بالإضافة إلى قلقٍ من حلول تركيا محلّ أوكرانيا كنقطة ترانزيت للغاز الروسي إلى أوروبا. كذلك، أثارت تلك الزيارة تساؤلات عن مستقبل التعاون بين تركيا وروسيا، وحتى عن احتمالات تكوين «تحالف استراتيجي» بين الدولتين على المدى البعيد.

(الأخبار، رويترز، أ ف ب)