بغداد ـ زيد الزبيدي
في العراق، كلّ شيء ممكن ومستباح. وبعد انكشاف أمر فضيحة عصابات «الطبّ العدلي»، التي تقوم بإجراء مزايدات للاستيلاء على الجثث المجهولة الهوية، وهي معلومة في الغالب، من خلال الأوراق الثبوتية وتصويرها على أجهزة الخلوي، لغرض ابتزاز ذوي الضحايا، انتقلت هذه «الصرعة» المبتكَرة إلى النجف التي تضمّ ـــــ على صغر مساحتها ـــــ أكبر عدد من قوّات الأمن بعد العاصمة بغداد، إضافة إلى كونها المركز الديني الأساسي للطائفة الشيعيّة.
وإذ تُعدّ «مقبرة وادي السلام»، الأكبر في العالم، فقد خُصِّّص ركن فيها لدفن الضحايا المجهولي الهوية، ممّن لم توفَّق عصابات بوّابة الطبّ العدلي في بيعها. ولكن، حتى هذا المكان «المقدّس» لم يسلم من نبش القبور والاستيلاء على الجثامين لنقلها إلى بغداد بهدف الاتّجار بها.
وبحسب مدير إعلام محافظة النجف أحمد دعيبل، تمّ أخيراً ضبط جثث كانت مستخرَجة من القبور، بهدف نقلها إلى بغداد، وابتزاز ذويها.
وتشتهر مقبرة وادي السلام في النجف «الآمنة» بالتفنّن في بناء القبور، أو «السراديب» التي تكون عادة مقابر خاصة لعائلات ميسورة الحال، أو القبور التي تُحفَر داخل غرف أو أقفاص حديدية، وتوضع فيها المقتنيات التي كانت عزيزة على قلب المتوفّى، حتّى إنّ بعض غرف ـــــ القبور فيها أثاث عرس لمن توفّوا وهم على وشك الزواج.
وكانت العائلات تترك كل هذه المقتنيات بأمان، لأنها في «وادي السلام»، الذي يبدو أنّه هو الآخر فقد السلام بعد الاحتلال.
وقال بيان للمركز الإعلامي لديوان محافظة النجف أمس إنّ مفارز فوج طوارئ النجف الأوّل تمكّنت من إلقاء القبض على شخص يقوم بسرقة الأقفاص الحديدية الموجودة في مقبرة وادي السلام، وبحوزته عجلة لسيارة من نوع «بيك آب»!
على أنّ مقبرة وادي السلام رغم ذلك، لا تزال تُعدّ الأكثر أمناً مقارنة ببقية المقابر العراقية التي تتعرّض يوميّاً للسرقة والسلب والنهب، إلّا أنّ الحوادث الأخيرة أخذت تثير تساؤلاً مهماً: إذا كان الأحياء بإمكانهم أن يهاجروا لكي يتّقوا شرور السرقة والتعدّيات، فما السبيل لهجرة هؤلاء الموتى؟