«يبدو أن حزب العدالة والتنمية غير راضٍ عن (رئيس الوزراء) أحمد داوود أوغلو. هو يسعى إلى بدائل». لم يكتشف زعيم حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، هذه الخلاصة التي قالها أول من أمس وحده، غير أنه تلقّف مناخاً داخلياً آخذاً في التكوّن على مسافة ثلاثة أشهر من الانتخابات البرلمانية، التي من المقرّر أن تغير وجه تركيا. ففي خطوةٍ مفاجئة، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ترحيبه بإمكانية عودة رئيس الجمهورية السابق، عبدالله غول، إلى صفوف حزب «العدالة والتنمية»، معبراً عن «سعادته» إذا تحقق ذلك. تصريح أردوغان يوم الجمعة الماضي، عُدّ إشارةً إلى رئيس الحكومة ورئيس الحزب الحاكم أحمد داوود أوغلو، بإمكانية استبداله بغول لرئاسة الحزب.
ليست الخلافات بين أردوغان وداوود أوغلو طارئة على المشهد السياسي في تركيا. فلقد أظهرت عوامل عدة تصدعات في العلاقة بينهما في الأشهر الماضية، خرجت إلى الضوء يوم ترؤس أردوغان لاجتماع مجلس الوزراء، في 19 كانون الثاني الماضي، في تعدٍّ على صلاحيات داوود أوغلو، وفي خطوة غير مبررة دستورياً. ومن المقرّر أن يعيد أردوغان الكرّة اليوم، حيث سيترأس اجتماعاً وزارياً للمرة الثانية في تمهيدٍ للتغيير الذي ينشده بتحوّل نظام الحكم إلى رئاسي، بحيث تختفي صلاحيات رئاسة الحكومة لمصلحة رئاسة الجمهورية. غير أن أبرز الخلافات بين الزعيمين، كان بشأن استقالة رئيس الاستخبارات الوطنية، حقان فيدان، للترشح على الانتخابات البرلمانية، التي وافق عليها داوود أوغلو برغم رفض أردوغان. منذ ذلك الحين كثرت التساؤلات عن «رضى» أردوغان عن رئيس الحكومة.
أرينش: قد يتسلم غول
منصب رئيس البرلمان

إعلان أردوغان إمكانية عودة غول إلى الحياة السياسية، يأتي ليمثل تأكيداً على التباعد المتزايد بين الرجلين. أما توقيت هذا الاعلان فلقد كان لافتاً بالنسبة إلى بعض المعلّقين، إذ اختار أردوغان القيام بتلك الخطوة بالتزامن مع وجود داوود أوغلو وفريقه الاقتصادي في الولايات المتحدة، لمحاولة طمأنة المستثمرين الأجانب بشأن وضع الاقتصاد التركي، في ظلّ الهبوط الحاد الذي شهدته الليرة التركية نهاية الأسبوع الماضي. وكالة «رويترز»، اعتبرت أن جهود داوود أوغلو لم تكن كافية في نيويورك، ولم تكن على قدر تطلعات أنقرة. هذا اضافة إلى تباين في الآراء بين أردوغان والفريق الاقتصادي في الحكومة، حيال ما بدأ يُقال إنه «أزمة اقتصادية» في تركيا، ما تجلّى في انتقاد نائب رئيس الحكومة، بولنت أرينش، تصريحات أردوغان ضد محافظ المصرف المركزي، إردم باتشي، الذي اتهمه الرئيس بـ «الخيانة» لرفضه تخفيض أسعار الفوائد.
من جهتها، تساءلت صحيفة «حرييت»، إذا كان أردوغان يأمل «استخدام» غول للضغط على داوود أوغلو، وخصوصاً أن الأخير لم يعبّر بعد عن موقفه من توجه أردوغان نحو «نظام رئاسي قوي». وأشارت الصحيفة إلى أن إعلان أردوغان سيضع ضغوطاً إضافية على داوود أوغلو، إذ إنه في حال عودة غول إلى السياسة، «فسيكون هناك بديل قوي منه لتسلّم رئاسة الحزب الحاكم».
وكان عبدالله غول قد ابتعد عن الأضواء منذ تسليمه منصب الرئاسة إلى أردوغان في آب الماضي، نافياً رغبته في العودة إلى الحياة السياسية. الأمر الذي أكده داوود أغلو مرات عدة؛ فردّاً على سؤالٍ عن احتمال ترشح غول إلى الانتخابات النيابية المقبلة، قال داوود أوغلو الشهر الماضي، إنه وأردوغان أجريا محادثات مع غول، ولكن الأخير «لم يطلب العودة الى السياسة»، إضافة إلى نفي العديد من المسؤولين كنائبي رئيس الحكومة بشير أطالاي وبولنت أرينش، نية غول بالترشح. غير أن أرينش أكد، عقب تصريح أردوغان الأخير في هذا الشأن، أن داوود أغلو سيظلّ رئيساً للوزراء بعد السابع من حزيران (موعد الانتخابات)، فيما سيمنح غول «منصباً كبيراً» إذا عاد إلى الحزب الحاكم، «وقد يكون هذا المنصب على الأرجح رئيس مجلس النواب». من جهته، رحب داوود أوغلو باحتمال عودة غول إلى صفوف الحزب الحاكم، قائلاً إن ذلك «مدعاة سرورٍ لنا كلنا».
ما يهمّ أردوغان اليوم في هذا المجال، هو تمتين قبضته على الحزب الحاكم، تمهيداً لتأمين التأييد المطلق للانتقال إلى النظام الرئاسي، وخصوصاً في ظلّ تزايد الحديث أخيراً عن خلافات جدّية بين مسؤولين داخل الحزب، إما على خلفية استقالة فيدان، أو على خلفية المواجهة بين أردوغان والمصرف المركزي التي تنعكس سلباً على الاقتصاد في البلاد.
(الأخبار)