يسعى الرئيس الأميركي إلى ترسيخ نظريّته عن مواجهة الإرهاب، على كافة الجبهات الداخلية والخارجية، انطلاقاً من التجارب الأميركية على المستويين المذكورين. وفي اليوم الثاني من القمة التي تعقد في البيت الأبيض لمناقشة سبل مواجهة التطرف والإرهاب، شدّد الرئيس الأميركي على أن العمليات العسكرية، مثل الضربات الجوية التي تنفذ منذ أشهر ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، لا يمكن أن تكون في أي حال من الأحوال الرد الوحيد على «التطرف العنيف».
وفي مقال في صحيفة «لوس أنجلس تايمز»، قال إن الحلّ هو بالوحدة الدولية في وجه هذا التنظيم. وأضاف: «علينا أن نكون متّحدين هنا وفي العالم. نعلم أن القوة العسكرية وحدها لن تتمكن من تسوية هذه المشكلة»، في الوقت الذي أسف فيه عدد من خصوم أوباما الجمهوريين لعدم تركيز القمة بوضوح على محاربة الإسلام المتشدد، وخصوصاً لرفضه الحديث عن «التطرف الإسلامي» و«الإسلام المتشدد».
ووفق الرئيس الأميركي، فإن «علينا مواجهة المتطرفين العنيفين، والمسؤولين عن الدعاية والتجنيد... الذين قد لا يكونون ربما متورّطين بشكل مباشر في الأعمال الإرهابية، لكنهم يحرّضون آخرين على الانغماس فيها».
أما «حيال الاكاذيب التي يروّج لها تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية بأن الولايات المتحدة تشن حرباً على الإسلام»، فقد أشار أوباما إلى أن «لكل واحد منا دوراً للدفاع عن قيم التعددية التي نؤمن بها والتي كانت أحياناً مهددة من إيديولوجيات أو أفراد حقودين».
أما في ما يتعلّق بالتطرّف على مستوى الداخل الأميركي، فقد تطرّق أوباما في سياق المقال إلى جريمة قتل ثلاثة طلاب مسلمين، قبل أسبوع في شابل هيل جنوبي شرقي الولايات المتحدة، والتي أثارت صدمة في الولايات المتحدة والعالم.
وكتب: «لا نعلم بعد سبب قتل الطلاب الثلاثة في شابل هيل، لكننا نعلم أن العديد من الأميركيين المسلمين في بلادنا قلقون ويشعرون بالخوف».
وكان نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد افتتح القمة التي تستمر ثلاثة أيام، بالإشادة بما سمّاه «بوتقة الانصهار» الأميركية لاستيعاب المهاجرين، وهي نموذج تعتقد إدارة أوباما أن أوروبا بحاجة إلى أن تقتدي به.
وقال بايدن: «علينا أن نتواصل مع مجتمعاتنا وأن نتواصل مع أولئك الذين ربما يكونون عرضة للسقوط في فخ التطرف بسبب تهميشهم». وأضاف أنه «يجب على المجتمعات أن تتيح بديلاً إيجابياً لجاليات المهاجرين ومجالاً للفرص وروح الانتماء لإضعاف دعوة الإرهابيين المعسولة إلى الخوف والعزلة والكراهية والتمرد».
ويحضر ممثلون من ستين بلداً إلى واشنطن للمشاركة في القمة التي أكدت خلالها رئيسة بلدية باريس، آن ايدالغو، صباح أمس، الدور الأساسي للتربية، لأن «وراء كل مسيرة تطرّف فشلاً في المدرسة».
ودعت ايدالغو من واشنطن إلى أن تكون باريس مدينة للجميع، رافضة استثناء هذه المجموعة أو تلك. وكرّرت إيدالغو الخطاب الفرنسي السائد منذ اعتداء «شارلي إيبدو»، وهو أن «على الفرد أن يكون فخوراً بأصوله للاندماج في القيم المشتركة للجمهورية الفرنسية، وأن يكون محترماً لما هو عليه». وقالت: في باريس طموحنا هو الإلغاء التام «للمناطق الممنوعة من الدخول، كما يتخيّلها البعض»، مثيرة بذلك ضحك الحضور.
من جهته، قال وزير الأمن الداخلي الأميركي، جي جونسون، إن المحاربة يجب أن تتم أيضاً على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأضاف: «نرى استخداماً فعالاً جداً للإنترنت ولشبكات التواصل الاجتماعي من قبل المنظمات الإرهابية»، مقيماً مقارنة بين أساليب التواصل لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، «قبل بضعة أعوام»، وتلك المستخدمة اليوم من منظمة مثل تنظيم «الدولة الإسلامية».
وسيشارك، اليوم في القمة، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزيرا الداخلية الفرنسي برنار كازنوف والبريطانية تيريزا ماي، إضافة إلى وزيري خارجية الأردن واليابان ناصر الجودة وياسوهيدي ناكاياما. كذلك يشارك الأمين العام لمنظمة «التعاون الإسلامي» إياد مدني.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)