تكاد كل خطوةٍ تخطوها حكومة «العدالة والتنمية» التركية، تشي باكتمال صورة الحكم الشمولي. بدءاً من التصريحات اليومية للرئيس رجب طيب أردوغان، وصولاً إلى الإجراءات الأمنية والسياسية، تتحول تركيا يوماً بعد يومٍ إلى مسرحٍ لحكم الشخص الواحد، الذي بات أردوغان يمهد لقوننته بحلول الصيف المقبل، عبر نقل نظام الحكم إلى رئاسي، تعزيزاً لصلاحياته. وفي وقتٍ بدأ فيه البرلمان التركي مناقشة مشروع قانون «الحزمة الأمنية» الذي يشدّد قبضة الدولة من خلال توسيع صلاحيات قوات الأمن، أعلن أردوغان أن النظام البرلماني القائم حالياً «لم يعد يستوعب تركيا»، مؤكداً أن الانتقال إلى نظام رئاسي «ليس رغبة شخصية، بل ضرورة لتركيا».
وقال أردوغان، يوم أمس، إنه في ظلّ عالم متغير والتحولات التي تشهدها المنطقة، تصبح تركيا بحاجة إلى نظام رئاسي. وخلال اجتماع للمخاتير في القصر الرئاسي، أضاف أردوغان: «ألا توجد ديموقراطية في النظام الرئاسي؟ بلى»، مشيراً إلى ضرورة اعتماد نظام رئاسي خاص بتركيا، لا يكون «استنساخاً حرفياً» للنماذج الأخرى من العالم، بل يستفيد من جوانب معينة منها، مع الأخذ في الاعتبار الأعراف والتقاليد التركية.
وفيما تجاهلت أنقرة كل الانتقادات التي وُجهت إلى مشروع القانون الذي تسمّيه «حزمة الإصلاحات»، حاول رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، تأكيد عدم تأثر عملية السلام مع الأكراد بهذا القانون، علماً بأن المشروع صيغ عقب التظاهرات التي نظمها الأكراد احتجاجاً على دور أنقرة تجاه معارك عين العرب السورية (كوباني). طمأنة داوود أغلو تأتي في سياق حاجة الحزب الحاكم إلى «رضا» الأكراد، للفوز بأغلبية كبيرة في الانتخابات البرلمانية، ليتمكن من تعديل الدستور وتحويل الحكم إلى رئاسي، ومنصب الرئاسة الرمزي حالياً، إلى رئاسة تنفيذية.
وفي سياق تأثير الحزمة الأمنية على وضع الأكراد في تركيا وعلى علاقة أجهزة الدولة بهم، طالب «اتحاد المجتمعات الكردية»، يوم أمس، الحكومة التركية باتخاذ «خطوات ملموسة» لدفع عملية السلام إلى الأمام و«إلا دخلت عملية السلام مرحلة دقيقة للغاية وخطيرة تقارب النهاية»، بحسب بيان. وأضافت: «حركتنا دخلت مرحلة تفكير جدي ودقيق ومرحلة اتخاذ قرارات جديدة».