أعلن الأمين العام لحلف «شمال الأطلسي»، ينز شتولتنبرغ، مساء أمس، أن وزراء دفاع الدول الأعضاء في الحلف وافقوا فوراً على إقامة 6 قواعد في شرقي أوروبا وتشكيل قوة رأس حربة قوامها خمسة آلاف رجل، رداً على موقف روسيا إزاء أوكرانيا، في ما يعتبر أكبر تعزيز يقدم عليه الحلف لقواته، منذ انتهاء الحرب الباردة. وقال شتولتنبرغ، خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، إن فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وبولندا وافقت على المشاركة في هذه القوة التي ستكون قادرة على الانتشار، في غضون أسبوع، في حالات الأزمة.
وتأتي التعزيزات التي قام بها الحلف في الوقت الذي يطفو فيه الحديث عن تسليح أوكرانيا على سطح التصريحات والمداولات الغربية. فبعد أيام على إعلان صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن واشنطن بدأت مجدداً ببحث مسألة تزويد أوكرانيا بالأسلحة، صرّح الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، أمس، بأن بلاده في حاجة إلى مساعدات عسكرية وتقنية من الدول الغربية.
ولكن هذه الدعوات والتصريحات لا تلقى صدى عند كافة وزراء الدفاع الأوروبيين، ما يشير إلى احتمال وقوع خلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا، إذا قرّرت واشنطن المضي في هذا الأمر. فخلال اجتماع للحلف في بروكسل، عبّر عدد من وزراء الدفاع الأوروبيين عن معارضتهم لإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، خشية أن يذكي هذا الصراع.

وقالت وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لاين، للصحافيين، إن «مزيداً من الأسلحة في هذه المنطقة لن يقرّبنا من حل ولن ينهي معاناة السكان»، فيما صرّح وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، بأن لندن «سترى ما يمكن أن تبذله من جهود في مجال التدريب والتزويد بالمعدات غير الفتاكة، ما يمكن أن يساعد الأوكرانيين في الدفاع عن أنفسهم بشكل أفضل ضد الهجوم الذين يتعرضون له الآن».
عبّر عدد من وزراء الدفاع الأوروبيين عن معارضتهم لإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا

وكان الرئيس الأوكراني قد قال أمس، في مقابلة مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية، إن «أوكرانيا ترغب في السلام، إلا أنه لا بدّ من حماية السلام، ومن أجل تحقيق ذلك نحن في حاجة إلى سلاح متطور وجيش قوي، لحماية المدنيين».
وأشار إلى أن الانفصاليين في شرقي أوكرانيا «يحصلون على سلاح متطوّر من روسيا، وتقدّم لهم موسكو مساعدات عسكرية ومادية، بشكل منتظم». ورداً على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، إن روسيا ستعتبر أي قرار من الولايات المتحدة بتقديم أسلحة فتاكة لأوكرانيا تهديداً للأمن الروسي، متهماً كييف باستخدام أسلحة لها التأثير نفسه لأسلحة الدمار الشامل في الصراع الدائر في شرقي البلاد.
في هذه الأثناء، وازى الزعماء الغربيون بين إجراءاتهم العقابيّة وتحرّكاتهم الدبلوماسية، من خلال زيارة قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، لكييف، على أن تستكمل اليوم بزيارة لموسكو، في الوقت الذي أفيد فيه عن أن الاتحاد الأوروبي يعتزم إضافة 19 شخصاً وتسعة كيانات على قائمة لائحة العقوبات المتصلة بالنزاع في شرقي البلاد. وتأتي مبادرة ميركل وهولاند، بينما يقوم وزير الخارجية الأميركي جون كيري بزيارة لكييف ليناقش مع السلطات الموالية للغرب إمكانية تسليم أسلحة إلى أوكرانيا من أجل قلب الوضع على الأرض.
وأعلن كبير مستشاري الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية، يوري أوشاكوف، أمس، أن الرئيس فلاديمير بوتين مستعد لإجراء محادثات بنّاءة مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولوند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بشأن أوكرانيا.
وأمس قال وزير الخارجية الأميركي، بعد محادثات أجراها مع الرئيس بيترو بوروشينكو، إن الولايات المتحدة «لا تسعى للمواجهة» مع روسيا، وتؤيّد «حلاً سلمياً» للنزاع الأوكراني. ولكنه رأى في الوقت ذاته أن العدوان الروسي في الشرق هو أكبر خطر على أوكرانيا، مؤكداً أن واشنطن ستواصل السعي إلى حل دبلوماسي، لكن لن «نغلق عيوننا» عن الدبابات والقوات الروسية تحسّباً لعبورها الحدود.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)