أحيا كشف الإدارة الأميركية، أمس، عن موازنة عام 2016، الهواجس والتخوّفات من مواجهة جديدة بين الرئيس باراك أوباما وبين الجمهوريين الذين يسيطرون على الكونغرس، فيما من المتوقع أيضاً أن تعطي هذه الموازنة إشارة البدء بالمعركة الكبرى التالية بين الديموقراطيين والجمهوريين حول السياسة المالية عموماً.وقد أعدّ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، موازنة بقيمة 4 تريليونات دولار تركز على استثمارات ضخمة وإصلاحات ضريبية قد لا تحظى بموافقة الكونغرس الخاضع لهيمنة الجمهوريين.
وموازنة عام 2016 التي تشكل برنامجاً سياسياً حقيقياً وتستند كثيراً إلى نمو مستعاد، طرحت، فجر اليوم، أمام الكونغرس بحسب ما هو متوقّع، لكنّها ستصطدم بمعارضة في مجلسي الشيوخ والنواب، اللذين بات يهيمن عليهما خصوم الرئيس الجمهوريون.

لكن أوباما الذي يشدّد على سياسة اقتصادية لمصلحة الطبقة المتوسطة، يسعى أيضاً إلى وضع خصومه على خط الدفاع مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في عام 2016، التي من المتوقع أن تشارك فيها السيدة الأميركية الأولى سابقاً، ووزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، للحفاظ على البيت الأبيض بيد الديموقراطيين.
وتتضمّن الموازنة بقاء العجز دون نسبة 3 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي، وهو مستوى يُعَدّ قابلاً للاستمرار. وتتوقع كذلك نمو أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 3,1 في المئة، خلال السنة المالية الحالية، فيما تبلغ نسبة البطالة 5,4 في المئة والتضخم 1,4 في المئة.
ومع عودة الاقتصاد إلى الانتعاش بعد سنوات من سياسات التقشف، ستشمل خطة أوباما استثمارات كبرى في البنى التحتية والأبحاث وزيادة نفقات الجيش، بحسب تفاصيل كشفت أمس.
وقال مسؤولون كبار إن الخطة «ستضع العائلات من الطبقات الوسطى واقتصادنا في الواجهة مع مواصلة التقدم حول إصلاح النظام الضريبي».
وأشار أحد المسؤولين إلى أنّ «من غير الضروري الاختيار بين هذين الأمرين، يمكن بالواقع تحقيقهما معاً».
وأوضح مسؤول آخر في الإدارة أن «العجز في عام 2016 سيكون 474 مليار دولار أو 2,5 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي»، مضيفاً أن الديون الفدرالية ستشكل ما نسبته 75 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي.
وسيلقي أوباما خطاباً في دائرة الأمن الداخلي، وهي وكالة موضع خلاف بخصوص الموازنة حالياً مع الجمهوريين، في ما يُعَدّ أيضاً إشارة إلى أن الرئيس يعتزم خوض المواجهة.
ومن المرتقب أن يتردد الجمهوريون خصوصاً في مسألة زيادة الإنفاق غير العسكري وسدّ ثُغَر في النظام الضريبي.
وستنفق 478 مليار دولار على البنى التحتية في أميركا، وهي زيادة بمعدل الثلث.
وأوضح مسؤول في البيت الأبيض أنه بالنسبة إلى الأرباح الجديدة في الخارج، فإن «النظام الذي يتضمن الإصلاحات يعمد إلى إغلاق ثُغَر كانت تتيح لشركات أميركية تحويل الأرباح إلى ملاذات ضريبة وتجنّب دفع ضرائب عليها لعدة سنوات أو إلى الأبد».
ويرجح أن يعتبر الجمهوريون هذين الإجراءين على أنهما زيادة على الضرائب لا تشجع أجواء الأعمال.
وفي هذا الإطار، رأى النائب الجمهوري النافذ في مجلس النواب، بول راين، أن زيادة الضرائب على الفئات الأكثر يسراً يعادل انتهاج «سياسة اقتصادية تقوم على الحسد». لكنه أكد في الوقت ذاته أنه على استعداد للعمل مع الإدارة «لنرى إذا كان بإمكاننا إيجاد أرضية تفاهم حول بعض أوجه الإصلاحات الضريبية».
ويقرّ مستشارو أوباما بأن أمام خطته للموازنة فرصاً ضئيلة لاعتمادها بشكلها الحالي.
وعلى هذا الصعيد، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى: «نأمل أنه عبر وضع رؤية اقتصادية واضحة تتمحور حول الطبقات الوسطى والنمو الاقتصادي، سنتمكن من إجراء حوار بناء».
وللسنة المالية 2016 التي تبدأ في 1 تشرين الأول 2015، تقترح الخطة خصوصاً رفع النفقات العسكرية إلى 585 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 38 مليار دولار مقارنة مع السنة السابقة. ومن هذا الإجمالي ستخصص 50,9 مليار دولار لأفغانستان والعمليات العسكرية الجارية لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.
وستشمل الموازنة أيضاً الإنفاق على «التصدي لاعتداءات روسية في أوروبا الشرقية» بحسب ما قال أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية.
إلى جانب ذلك، ستخصص بعض الأموال لتعزيز الأمن في دول «مستهدفة خصوصاً بالضغوط الروسية».
كذلك يخصص نحو مليار دولار لتعزيز إدارات الحكم في أميركا الوسطى، وهي نقطة الانطلاق للعديد من المهاجرين الذين يقصدون الولايات المتحدة، وخصوصاً السلفادور وهندوراس وغواتيمالا. وستخصّص هذه الأموال لتعزيز الأمن وتحسين ظروف الحياة واستئصال الهجرة غير الشرعية. وستخصص 14 مليار دولار لتعزيز أمن الإنترنت.
(الأخبار، أ ف ب)