حين وصل رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الصومالية مقديشو، عام 2011، كان أول زعيم أجنبي يتجه إلى البلد المنهك، منذ نحو 20 عاماً. حينئذٍ، كانت الصومال قد شهدت لتوّها طرد «حركة الشباب» على أيدي قوات الاتحاد الأفريقي، لتجد أنقرة في هذا البلد، كما في دول القرن الأفريقي، دجاجةً تبيض ذهباً.
في الصومال، تُعتبر تركيا مانحاً ومستثمراً أساسياً، إذ نفذت الاستثمارات التركية مشاريع كبرى، وسط حركة إعادة الإعمار التي تشهدها مقديشو، بعد عقدين من حربٍ لا تزال متواصلة. من بين هذه الاستثمارات، تعهُّد مشاريع في المرافق الحيوية كالمطار والميناء البحري الذي أعادت شركة تركية تأهيله.

ويوم أمس، اختتم الرئيس التركي زيارته للصومال، المحطة الثالثة في جولته بعد جيبوتي وإثيوبيا. «تركيا حكومة وشعباً حققت فجراً جديداً للصومال، من خلال المشاريع الإنمائية التي تنفذها الهيئات التركية». بهذه الجملة، رحب الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، بنظيره الذي رافقته عائلته كما في المرة السابقة، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وخلال افتتاح مبنى جديد في المطار، شيّدته الحكومة التركية، عبّر أردوغان عن «سعادته الكبيرة»، لزيارة مقديشو، لافتاً إلى أن البناء الجديد الذي بلغت تكلفته 22 مليون دولار، سيلبي احتياجات الصومال وسيربطها بالعالم الخارجي.
أردوغان: ضرورة رفع حجم التبادل مع جيبوتي إلى 200 مليون دولار


وتعهد أردوغان، خلال الزيارة، بزيادة استثمارات بلاده الحالية في الصومال، مشيداً بـ«التطورات الكبيرة» التي شهدها البلد الذي يُعد حليفاً استراتيجياً لتركيا. ووعد بناء 10 آلاف وحدة سكنية، «لإعادة التأهيل للمحتاجين والبسطاء»، إلى جانب إعادة ترميم وتوسيع ميناء مقديشو الدولي. وخلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة، دعا أردوغان المجتمع الدولي إلى «الوفاء بتعهداته وإعطاء القضية الصومالية مجالاً واسعاً في المؤتمرات الدولية». كما شارك في مراسم افتتاح مستشفى أطلق عليه اسم «رجب طيب أردوغان»، والذي أعادت ترميمه وكالة التنسيق والتعاون التركية «تيكا».
من جهته، نوه الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، بـ«الدور المحوري والنموذجي» لتركيا في الصومال، حيث يقيم مواطنون أتراك ويعملون خارج المنازل الخاضعة لإجراءات أمنية مشددة، خلافاً لمواطني دول أخرى.
تعود العلاقة بين البلدين إلى قرون عدة، ولكن بعدما اجتاحت المجاعة أجزاء من البلد الأفريقي، في عام 2011، عزز أردوغان العلاقات مع مقديشو، مطلقاً العديد من مشاريع البناء والتنمية. وفي آب 2011، حلّ أردوغان في الصومال، في زيارةٍ «تاريخية»، لما لها من دلالات استراتيجية واقتصادية، وخصوصاً تجاه دولةٍ شبه مهملة دبلوماسياً. في تلك الزيارة، أعلن أردوغان إعادة فتح السفارة التركية، ولا سيما أن تركيا تؤدي دوراً نشطاً في الصومال، وخصوصاً في مجال المساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار.
وكان أردوغان قد زار جيبوتي، يوم أول من أمس، حيث أكد وقوف بلاده دائماً إلى جانب قارة أفريقيا، لأنها «تدرك حجم المشكلات في القارة السمراء، وحجم الإمكانيات التي تتمتع بها». وفي منتدى الأعمال التركي ـ الجيبوتي، أكد أردوغان أن هذه الدولة هي واحدة من دول القرن الأفريقي المستقرة، والتي تحرز تقدماً في مسار التنمية، وهي تعد من أهم المراكز الأفريقية لما تتمتع به من إمكانيات اقتصادية وموارد بشرية، وهي دولة ذات ثقل في علاقاتها الدولية بالمنطقة».
وفيما أكد أن علاقات تركيا بالدول الأفريقية شهدت قفزات كبيرة خلال السنوات العشر الماضية، دعا إلى ضرورة رفع حجم التبادل التركي بين البلدين إلى 200 مليون دولار، في وقتٍ وصل فيه حجم التبادل عام 2014 إلى 60 مليون دولار.
كذلك، وقع أردوغان مع نظيره الجيبوتي اسماعيل عمر جيله، مذكرة تفاهم بشأن تأسيس منطقة اقتصادية خاصة، بالإضافة إلى تأكيده استعداد بلاده لنقل الخبرات التركية في مجال الطاقة والكهرباء إلى جيبوتي، التي تحصل على الكهرباء مقابل تكلفة عالية.

(أ ف ب، الأناضول، رويترز)