strong>الانسحاب من العراق والتعزيزات في أفغانستان ينتظران توصيات العسكربدا الرئيس الأميركي، باراك أوباما، جدّياً ومستفيضاً في شرح إجاباته عن الأسئلة الـ 13 التي طُرحت عليه في أول مؤتمر صحافي له بعد تنصيبه الشهر الماضي. لم يركّز على إعطاء الوعود بقدر ما وصف الواقع وطرح التحدّيات وحذّر من الآتي، أكان في الأزمة الاقتصادية أم الملفات الخارجية، وغاب عن مؤتمره صراع الشرق الأوسط
واشنطن ــ محمد سعيد
تطرّق الرئيس الأميركي، خلال مؤتمر صحافي أول من أمس، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية المستفحلة التي أجاب عن سبعة أسئلة تتعلق بها، إلى ملفات خارجية محورية وعد باعتماد منهج مغاير لحلّها، فرجّح إجراء محادثات مباشرة مع إيران خلال أشهر، واستبعد وضع جدول زمني لسحب قوات الاحتلال الأميركي من أفغانستان، فيما عُلّقت مسألة سحب قوات الاحتلال من العراق وإرسال تعزيزات إلى أفغانستان بانتظار التقارير الأمنية.
وشنّ أوباما هجوماً على إيران، واتهمها بعدم المساعدة في نشر السلام والرخاء في المنطقة من خلال تمويل «جماعات إرهابية» مثل «حماس» و«حزب الله»، وتبني خطاب عدائي نحو إسرائيل والسعي إلى الحصول على سلاح نووي. إلا أنه جدّد عرضه السابق بضرورة انتهاج سياسة جديدة تجاه إيران. وقال إن «فريق الأمن القومي التابع للبيت الأبيض يعكف حالياً على مراجعة السياسة المتبعة إزاء طهران، وينظر في منافذ يمكن من خلالها إقامة حوار بنّاء ومباشر».
وتوقّع العثور على مخارج خلال الأشهر المقبلة قائلاً: «توقّعي أنّنا في الأشهر المقبلة سنبحث عن فرص ملائمة، بحيث يمكننا أن نجلس على جانبي الطاولة وجهاً لوجه وأن تحدث مفاتحات دبلوماسية تسمح لنا بأن نسير بسياستنا في مسار جديد». وأشار إلى أنّ هناك حالة من انعدام الثقة بُنيت على مدار السنين، لذا فإن هذا الانفتاح لن يحدث بين عشية وضحاها.
ودعا أوباما إيران إلى أن تفهم أن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء تمويلها للمنظمات «الإرهابية» وتحولها إلى دولة نووية «لكون هذا الأمر سيشعل سباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط يسبب تعميق حالة الاضطراب».
ولم يتطرّق أوباما لأزمة الشرق الأوسط، إلا ما قاله عن أن تعيينه للسيناتور السابق، جورج ميتشيل، مبعوثاً خاصاً للشرق الأوسط، والمساعد السابق لوزير الخارجية، ريتشارد هولبروك، مبعوثاً خاصاً لأفغانستان وباكستان يكشف عن عزم حكومته على التحرّك بصورة مختلفة في المنطقة.
وعن الوضع في أفغانستان، قال أوباما إنّها «تمثل تحدياً كبيراً». وانتقد حكومة الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، مشيراً إلى أنه مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات تبدو هذه الحكومة في معزل عن مجتمعها ولم يرَ منها حتى الآن جهوداً منسقة للقضاء على الملاذ الآمن لتنظيمي «القاعدة» و«طالبان».
وأشار أوباما إلى وجود عملية مراجعة كاملة ودقيقة من قائد القيادة المركزية، الجنرال ديفيد بترايوس، الذي سينسق مع هولبروك لوضع تقويم للسياسة التي يمكن أن تتبع تجاه هذه المنطقة. وقال إنه «لا يعرف بعد أي جدول زمني للمدى الذي يمكن أن تستغرقه العملية، إلا أنّ ما يعرفه هو أنّه لن يسمح للقاعدة أو لزعيمها، أسامة بن لادن، بالعمل والتخطيط لشن هجمات على الولايات المتحدة من هناك».
وكانت شبكة «سي أن أن» قد ذكرت أن البيت الأبيض أجّل أي قرارات تتعلّق بسحب جزء من قوات الاحتلال في العراق وإرسال تعزيزات عسكرية إضافية إلى أفغانستان إلى أن يتلقى الرئيس تقريراً مفصلاً من وزارة الدفاع يتضمن توصيات القادة العسكريين. ونقلت عن مسؤولَين رفيعَي المستوى في الحكومة لم تفصح عن هويتهما قولهما إن «الجيش الأميركي ليس قلقاً بشأن التأخير، بل يشعر بالقلق بشأن تردّي الأوضاع الأمنية في أفغانستان».
وأكّد المسؤولان صحة الأنباء التي ذكرت أنّ «البنتاغون» والقيادة المركزية بقيادة بترايوس يعملان معاً على ثلاثة خيارات بشأن سحب القوات من العراق ستُقدَّم إلى الرئيس، وتتمحور حول ثلاث فترات زمنية، الخيار الأول 16 شهراً، والثاني 19 شهراً، والثالث 23 شهراً.
وعلى عكس الحكومة الأفغانية، بدا أوباما راضياً عن حكومة إسلام آباد، فأكّد أنّ باكستان يجب أن تكون حليفاً «قوي البأس» لمكافحة تهديد «الإرهابيين». ولفت إلى أنّ الحكومة الجديدة مهتمة بالسيطرة على الوضع في تلك المناطق.
وفي سياق جهود إدارته لمنع الانتشار النووي، رأى أوباما أنّه يجب على الولايات المتحدة وروسيا أن تقودا الطريق نحو تحقيق هذا الهدف، وأشار إلى أنّه تحدّث مع نظيره الروسي، ديمتري مدفيديف، كي يؤكد له أهمية أن يبدأ البلدان المحادثات في كيفية خفض ترسانتهما النووية بفاعلية حتى تتسنى العودة إلى العمل بمعاهدات منع الانتشار النووي.