في مواجهة حَمَلَة شعار «أنا شارلي» في فرنسا، هناك من حمل شعار «أنا لست شارلي» ورفض المشاركة في المسيرة التي شهدتها باريس، أمس، لأسباب اعتبرها بديهية ولا تقلّ أهمية عن الأسباب التي دفعت الآخرين إلى المشاركة في «مسيرة الجمهورية». في تقريرين منفصلين نشرا، أمس، في صحيفة «لو فيغارو»، تحدث كل من الكاتب فيليب بيلجير، والباحثة في الشؤون الاجتماعية، ميشال تريبالا، عن أسباب عدم مشاركتهما في مسيرة أمس ورفعهما في المقابل شعار «أنا لست شارلي».
وتساءل الكاتب في صحيفة «لو فيغارو»، فيليب بيلجير، وهو قاضٍ فخري ورئيس أحد المعاهد: «هل أُعتبر مواطناً حقيراً أو حتى نذلاً، لأنني لن أمشي ضد الإرهاب، كما تدعو صحيفة لو موند، أو لن أقف ضد الإرهاب، كما طلب رئيس الجمهورية».
وقال الكاتب إن «العاطفة الجياشة التي ظهرت منذ السابع من الشهر الجاري والتي ستتوّج في الحادي عشر منه (أمس)، تشير بطريقة مضرّة إلى النصر البشع الذي حققه المجرمون بوصولهم إلى هدفهم، وخصوصاً أن حجم الغضب كان على الأرجح متوقعاً من قبل هؤلاء المتعطشين للدماء».
وأضاف إنه «بناء عليه، من الواضح أن مسيرة الجمهورية ستكون رمزية، رغم تعدديتها، لأنّه لن يكون لها أي تأثير على التهديدات والهجمات والتحركات الانتقامية والمآسي المقبلة، وهي لم تكن موجهة... سوى لإقناع الأمة بأنها خلال أيام قليلة يمكن أن تتوحد».
وتحدث الكاتب عن «هذا الاتحاد الوطني الذي لم يشهر وجهه الرمزي إلا بعد وقوع الكوارث ولوقت قليل»، «فرغم التصرف الذي لا تشوبه شائبة لحكوماتنا، إلا أن هناك تلاعباً سياسياً بألم هائل، كان يمكن أن يبقى صادقاً لو استمرت حالة من التكتم مع حضور أقل للدولة».
أما ميشال تريبالا، التي أجرت أبحاثاً عدة عن الهجرة في فرنسا وعن الاندماج في المجتمع الفرنسي، فقد أوضحت أنها ضد المشاركة في المسيرة لأنها في الوقت ذاته ضد «الخطاب المزدوج الذي تمارسه بعض الجمعيات التي تدافع عن حرية التعبير بعدما كانت قد اتهمت شارلي إيبدو بالعنصرية والإسلاموفوبيا».
وقالت تريبالا إن شعار «أنا شارلي»، «يظهر كأنه مأخود من الرومنسية والنرجسية والبذاءة»، مضيفة «نحن لسنا شارلي لسبب أساسي وهو أنهم ماتوا بسبب المخاطر التي أرادوا خوضها لأنهم قرروا متابعة عملهم، وسط اتهامات بشعة من قبل هؤلاء الذين تحدثوا عن عدم الاحترام والذوق السيئ والإساءة إلى حرية التعبير، إضافة إلى العنصرية أو الإسلاموفوبيا».
واعتبرت تريبالا أن «الصحافة يمكنها أن تروّج لهذا الشعار، في حال إعادة نشر كل الرسومات التي طالبت بموت هؤلاء الرسامين الشجعان».
وفي هذا الإطار، شجبت الكاتبة مثلاً خطاب «حركة مناهضة العنصرية والصداقة بين الشعوب» (MRAP) الذي دعا إلى المشاركة في مسيرة أمس، «واضعاً الهجمات التي شهدتها باريس في الخانة نفسها مع ردود الفعل العنيفة التي أعقبتها»، وقالت إنه «يجب إدانة» هذه الردود، ولكن «لا يمكن مقارنتها مع الهجمات الإسلامية التي أدت إلى مقتل 17 شخصاً».
(الأخبار)