التقى في باريس، أمٍس، على هامش المسيرة الضخمة المنددة بالإرهاب، وزراء داخلية من أوروبا وأميركا الشمالية، للبحث في سبل تعزيز مكافحة الإرهاب، إن عبر تشديد التدقيق على حدود الاتحاد الأوروبي أو تبادل المعلومات حول ركاب الرحلات الجوية.وقبل ساعات من انطلاق «المسيرة الجمهورية» في باريس، التي جمعت نحو مليون ونصف مليون شخص وشارك فيها نحو خمسين زعيم دولة، جمع وزير الداخلية الفرنسي برنار كازينوف 11 وزيراً من نظرائه في الاتحاد الأوروبي مع وزير العدل الأميركي أريك هولدر ووزير الأمن العام الكندي ستيفن بلاني، في اجتماع «استثنائي»، الهدف منه التأكيد على «الحزم في مكافحة الإرهاب معاً».

وقال كازينوف بتأثر «لن أنسى طريقة وقوف الكل الى جانبنا» بعد الاعتداء الذي استهدف صحيفة «شارلي إيبدو» والاعتداءات التي تلته والتي أوقعت 17 قتيلاً.
وفي ختام اجتماع استغرق ساعتين، صدر بيان مشترك شدد على أن المعركة ضد التطرف تقوم «على مكافحة التشدد، وخصوصاً عبر الإنترنت، وعلى تعزيز سبل التصدي لنشاط الشبكات الإرهابية» وذلك عبر عرقلة تنقلاتهم.
وقال الوزير الفرنسي في نهاية الاجتماع إن الملف المطلوب تنفيذه «سريعاً... هو تعزيز عمليات التدقيق في تحرك المواطنين الأوروبيين لدى عبورهم الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي».
أما وزير الداخلية الإسباني، خورخي فرنانديز دياز، فطالب من جهته بتعديل اتفاقية شينغن للتمكن من التدقيق في الهويات حتى عند عبور الدول الموقعة على هذه الاتفاقية، بهدف عرقلة تحرك المقاتلين الإسلاميين العائدين الى أوروبا.
وتفيد معلومات أمنية بأن آلاف الأوروبيين يسعون للتوجه الى سوريا والعراق أو وصلوا إليهما بالفعل أو هم في طريق العودة الى أوروبا بعد مشاركتهم في القتال الى جانب التنظيمات الجهادية في هذين البلدين. ومن بين هؤلاء 1200 فرنسي على الأقل.
وللتمكن من مراقبتهم والحد من تحركاتهم، عرض وزير الداخلية البلجيكي، جان جامبون، وضع «لائحة أوروبية بالمقاتلين الأجانب». وسبق أن دعت بلجيكا الى تعزيز آلية التحرك الأوروبي بعد إطلاق النار على المتحف اليهودي في بروكسل في أيار 2014 والذي قام به فرنسي أقام قبلاً في سوريا.
وفي الإطار نفسه، أعرب الوزراء عن «اقتناعهم بضرورة التقدم نحو وضع» نظام لجمع المعلومات التي يقدمها المسافرون الى شركات الطيران، «ما يتيح تبادل معلومات عن ركاب الرحلات الجوية بين الدول الأعضاء».
وسيتيح هذا النظام «متابعة المتوجهين الى مناطق عمليات الإرهابيين أو العائدين منها» حسب ما قال الوزير الفرنسي، مؤكداً على «فائدته الأكيدة».
الموضوع الثاني الذي أثير خلال هذه الاجتماع هو دور شبكة الإنترنت في تحول أفراد عاديين الى التشدد والجهاد. ودعا الوزراء الى إقامة «شراكة» مع مشغلي الإنترنت لتحديد وسحب «كل المعلومات الإلكترونية التي تحض على الكراهية والإرهاب والعنف».
وحرص الوزراء في هذا الصدد على التشديد على أن الهدف ليس فرض رقابة على الإنترنت الذي يجب أن يبقى «مكاناً لحرية التعبير».
كما دعا المشاركون في الاجتماع الى تحسين الرقابة على نقل الأسلحة النارية غير المشروعة داخل الاتحاد الأوروبي، والعمل على توجيه رسالة «إيجابية» لمواجهة الدعاية الجهادية.
وعلم من أوساط عدد من الوزراء المشاركين في الاجتماع أن اعتداءات باريس الأخيرة نوقشت للتوصل الى تجنب تكرارها، وخصوصاً أن الولايات المتحدة كانت قد وضعت «منذ سنوات عدة» الشقيقين شريف وسعيد كواشي على لائحتها السوداء للإرهابيين.
وإضافة الى الوزيرين الكندي والأميركي، شارك في الاجتماع أيضاً وزراء داخلية ليتوانيا وألمانيا والنمسا وبلجيكا والدنمارك وإسبانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا والسويد وبريطانيا، إضافة الى المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جيل دي كيرشوف.
وعلى هامش هذا اللقاء، أعلن وزير العدل الأميركي عقد قمة في البيت الأبيض تحت إشراف الرئيس باراك أوباما في الثامن عشر من شباط لمناقشة «سبل مكافحة التطرف العنيف» في العالم.
(أ ف ب)