خاتمي يدعو إلى «استفتاء» على الحكومة... ومشائي ينفي استقالتهلم تنته المعركة بعد بين طرفي المعادلة الإيرانيّة، لكن الأقوى بينهما بات يتحكّم في اللعبة بعدما انحسر الشارع، لتتواصل المبارزة في أروقة السياسة. مبارزة ليس أقل ما فيها دعوة إلى الاستفتاء، على طريقة مؤسس الجمهورية الإمام الخميني
حذّر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، السيد علي خامنئي، «النخبة» في بلاده من السقوط في مصيدة «أعداء» الأمة الإيرانية، وذلك في أعقاب دعوة الرئيس السابق محمد خاتمي إلى إجراء استفتاء عام على شرعية حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد، في وقت واصل فيه المرشّح الإصلاحي الخاسر، مير حسين موسوي، دعوته الى الإفراج عن مئات الأشخاص الذين اعتُقلوا في التظاهرات التي نظّمت في حزيران الماضي.
وقال خامنئي، في كلمة له أمام مسؤولين إيرانيين بينهم نجاد، إن «النخبة يجب أن تعلم أن أي حديث أو إجراء أو تحليل يساعد (الأعداء) إنما هو إجراء ضد الأمة. يجب علينا أن نتوخّى الحذر الشديد»، مضيفاً إن «الناس ينظرون بكراهية إلى أي شخص ذي منصب يحرّض على عدم الاستقرار. ثمة أشياء يجب ألّا تقال. وإن قلناها فقد تحركنا ضد الأمة. هذا اختبار للنخبة الآن، والفشل في هذا الاختبار يعني السقوط».

كلينتون: الوقت المتاح أمام طهران لدخول مفاوضات بدأ ينفد
وجدّد المرشد اتّهام جهات خارجية بالوقوف وراء أعمال العنف التي تلت إعادة انتخاب نجاد، قائلاً «إن تدخّل الخارج، وخصوصاً وسائل إعلامه واضح جداً، فادعاءاته بأنه لا يتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية هي علامة على خزيه». وأضاف إن «أعداء الشعب الإيراني، عبر وسائل إعلامهم، يعطون تعليمات لمن يقفون وراء أعمال الشغب ليسبّبوا الفوضى والتدمير والمواجهات، وفي الوقت نفسه، يؤكدون أنهم لا يتدخلون في الشؤون الداخلية الإيرانيّة».
وكان خاتمي قد ذكر أن «المخرج الوحيد من الوضع الحالي هو إجراء استفتاء. يجب سؤال الناس ما إذا كانوا سعداء بالوضع الحالي؟ إذا كانت غالبية الناس سعيدة بالوضع الحالي فسنقبله نحن أيضاً».
وقال خاتمي إن «مثل هذا الاستفتاء يجب أن ينظّمه جهاز مستقل مثل مجلس تشخيص مصلحة النظام»، الذي يرأسه علي أكبر هاشمي رفسنجاني. وخلال اجتماع مع إدارة جمعية أسر الأشخاص، الذين اعتقلوا الأسبوع الماضي، طلب خاتمي مجدداً «الإفراج عن الموقوفين».
أمّا موسوي، فقال «فليعبّر الناس بحرية عن احتجاجاتهم وأفكارهم»، مضيفاً «أحباؤنا في السجن غير قادرين على الاتصال بمحامين ويتعرضون لضغوط لحملهم على الإدلاء باعترافات». وانتقد الربط بين المحتجزين ومؤامرات دول أجنبية، متسائلاً «أليست هذه إهانة للناخبين البالغ عددهم 40 مليوناً. أن تربط بين المعتقلين ودول أجنبية».
وأضاف موسوي «من يصدّق أن هؤلاء الناس، وكثير منهم شخصيات بارزة، يمكن أن يعملوا مع أجانب، وأن يعرّضوا مصالح بلادهم للخطر؟ يجب أن يفرج عنهم على الفور».
في المقابل، نددت صحيفة «كيهان» المحافظة، بشدة بمشروع الاستفتاء الذي تقدّم به خاتمي. وقال مدير الصحيفة، حسين شريعتمداري، «من خلال اقتراح تنظيم استفتاء، يواصلون جزءاً آخر من السيناريو الذي أعدّه سلفاً الغرب للتآمر» على النظام الإيراني، معتبراً أن «دور مثل هذا السيناريو هو تأجيج التوتر. وهو أمل لن يتحقق لأصدقاء خاتمي».
في هذه الأثناء، قال شاهد عيان إن شرطة مكافحة الشغب الإيرانية اشتبكت مع مئات من المحتجّين من مؤيّدي الإصلاح في ميدان «7 تير» وسط طهران، أمس. وأضاف أن عشرات قد اعتقلوا.
من جهته، اتهم قائد الشرطة الإيرانية، الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم، في خطاب بمدينة مشهد (شمال شرق) «بعض الأشخاص الذين لم يحقّقوا أهدافهم في الانتخابات»، بأنهم «ينشرون الشك ويحوّلونه إلى مؤامرة»، مضيفاً إنه «إذا لم تدافع قوات الأمن عن القانون، فإن نيران المؤامرة ستحرق الجميع».
من جهة ثانية، نفى النائب الأول للرئيس الإيراني، اسفنديار رحيم مشائي، استقالته من المنصب الذي عينه فيه نجاد الأسبوع الماضي، في ظل انتقادات واسعة من المحافظين لهذا التعيين، بسبب مواقف مشائي الإيجابية من إسرائيل.
وجاء في بيان نشر على الموقع الخاص لمشائي على الإنترنت، أن «بعض مواقع الإنترنت نشرت تقريراً عن استقالة مشائي من منصبه كنائب أول للرئيس في عمل منسّق هدفه الإساءة إلى الحكومة»، مضيفاً «هذه كذبة وهذه الشائعات ينشرها أعداء... الحكومة».
على الصعيد النووي، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي» الإخبارية من نيودلهي، أن «الوقت المتاح أمام طهران لدخول المفاوضات بدأ ينفد»، مشيرةً إلى أن هناك «سلسلة من الخيارات الواجب على إيران اتخاذها، ونحن ننتظر لمعرفة ما إذا كانت ستقدم عليها».
وذكرت وكالة «فرانس برس» أن أعضاءً في الكونغرس الأميركي، ضاعفوا ضغوطهم على الرئيس الأميركي باراك أوباما، لفرض عقوبات أشد على طهران، إذا لم توقف برنامجها النووي حتى نهاية سنة 2009.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، أنه جرى إرجاء لقاء كان متوقعاً أمس، بين السفير الفرنسي لدى طهران، برنار بوليتي، والفرنسية المحتجزة في إيران منذ الأول من تموز، كلوتيلد ريس، متوقعاً أن يُعقد هذا اللقاء اليوم أو خلال هذا الأسبوع.
(أ ف ب، يو بي آي، مهر، رويترز)