أعلن مكتب الادعاء التركي يوم أمس أن ثمة أدلة قوية تشير إلى أن خلية من تنظيم الدولة الإسلامية، في مدينة غازي عنتاب (جنوبي شرقي البلاد)، نفذت سلسلة من التفجيرات، كان آخرها التفجير الانتحاري المزدوج في أنقرة الشهر الجاري، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 100 من المعارضين للحكومة.
خلية غازي عنتاب «تلقت أوامر مباشرة من جماعة داعش (الدولة الإسلامية) الإرهابية في سوريا، وخططت لهجمات في أنحاء تركيا»، بحسب مكتب الادعاء، الذي تحدث عن «أدلة دامغة على أن (داعش) نفذت هجمات على مباني حزب الشعوب الديمقراطي في مرسين وأضنة، وتفجير تجمع ديار بكر وتفجير سروج»، في إشارة إلى سلسلة من الهجمات التي استهدفت الحزب اليساري ذي الغالبية الكردية.
وبحسب مكتب الادعاء، فإن هدف منفذَي هجوم أنقرة كان تقويض الاستقرار السياسي في البلاد، وإرجاء الانتخابات البرلمانية المقررة في الأول من الشهر المقبل. وذهب مكتب الادعاء في استنتاجاته إلى القول إن خلية «داعش» كانت تريد أن يعتقد الرأي العام أن الدولة التركية مسؤولة عن تفجيري أنقرة، وانها كانت تريد بذلك أن تضفي الشرعية على الهجمات التي يشنّها حزب العمال الكردستاني على قوات الأمن. والمعروف أن الحزب المذكور يُعتبر رأس حربة في قتال «داعش»، وهو خاض مواجهات دامية معه، دفاعاً عن البلدات والمدن الكردية.
وإن بدت استنتاجات الادعاء التركي غريبة، فإن أردوغان كان قد أدلى بتصريحات أغرب حول الموضوع، متهماً «الكردستاني» و«داعش» والاستخبارات السورية بأنها خططت، «جماعياً»، لهجوم أنقرة. وتمهّد عملية «شيطنة» قوى المعارضة كافة لحكم «العدالة والتنمية» لحملات القمع وكم الأفواه المتتالية. وفيما كانت لا تزال تتوالى أمس ردود الفعل على اقتحام الشرطة التركية إدارة بث محطتي تلفزيون «بوغون تي في» و«كانال تورك» في اسطنبول، ووضعها تحت الحراسة القضائية، حيث عبّرت الخارجية الأميركية وخارجية الاتحاد الأوروبي عن «قلقهما» من ممارسات السلطة التركية، ذكرت صحيفة «حرييت» أمس أن القضاء التركي سيحاكم صبيّيَن، في الثانية عشرة والثالثة عشرة من العمر، بتهمة «تحقير» أردوغان، بتمزيقهما صورة له.

أشاد غول باحتجاجات «تقسيم» عام 2013
وأضافت الصحيفة أن نيابة ديار بكر طلبت في الاتهام إنزال عقوبة السجن لمدة 14 شهراً لأحد الصبية، و4 أشهر للآخر. ويُلاحق الصبيان بموجب المادة 299 من القانون الجزائي، التي تفرض على كل شخص «يسيء الى صورة" رئيس الدولة عقوبة بالسجن قد تصل مدتها إلى 4 سنوات. ومنذ انتخابه رئيساً في آب 2014، غالباً ما لجأ أردوغان إلى مقاضاة فنانين وصحافيين وأشخاص عاديين، بموجب هذه المادة.

وفي مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز» عبّر غول، الذي ابتعد عن العمل السياسي المباشر عقب تنحّيه عن الرئاسة العام الماضي، عن تحفّظه على تركيز المزيد من السلطة في يد أردوغان، قائلاً إن من شأن ذلك أن يهدد الديمقراطية في تركيا. «صحيح أن الصراع السياسي لطالما كان حاداً في تركيا، لكن التنوع والأصوات المختلفة هي أمور مهمة»، قال غول، مذكّراً بترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي، وبأن ذلك يتطلب «تطوير» الديمقراطية في البلاد، لا الانقضاض عليها.
وربما كان الموقف الأبرز لغول هو اعتبار نجاح حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات التشريعية في حزيران الماضي «أمراً إيجابياً بالنسبة إلى تركيا»، وتأكيده أن حل المشاكل يكون بالعمل مع الأحزاب، وليس بإقصائها. وحرص غول على التمييز بين الحزب المذكور ومسلحي «الكردستاني»، قائلاً إن حمل الأكراد في تركيا للسلاح هو أمر «غير مبرر» و«غير مقبول».

وفي موقف لا يقل أهمية، تناول غول الاحتجاجات التي شهدها وسط مدينة اسطنبول عام 2013، والتي قمعتها السلطة بوحشية، بإيجابية لافتة، قائلاً إنه «نتيجةً لتقوية المجتمع المدني في تركيا، قام شبابنا بردّ فعل على قطع الأشجار (في ساحة تقسيم، وسط اسطنبول)، وتظاهر فلاحون ضد تلويث الصناعات لأراضيهم، كما تظاهر الآلاف احتجاجاً على العنف ضد المرأة».

وكان غول قد قال، في خطاب في جامعة أكسفور الأسبوع الماضي، إن عدم المساواة الاقتصادية وضعف الشفافية وقصور عمل المؤسسات، تغذي عدم الرضى الشعبي في منطقة «الشرق الأوسط»، بما في ذلك تركيا نفسها.

(الأخبار، رويترز، أ ف ب)