باريس ــ بسّام الطيارةمهما قيل عن رغبة الغرب في الوصول إلى حل مع إيران بشأن الملف النووي، فإن الاستعدادات لـ«حل عسكري» على قدم وساق، وقرع طبول الحرب بدأ يتصاعد رويداً رويداً. ولا يمكن الجزم بأن هذه الاستعدادات ليست قسماً من «لعبة شد الحبال الدبلوماسية». إلا أن ما يخيف المراقبين هو أن الفريقين المتواجهين يريان أن «نافذة الفرصة» قد فتحت وأن الظروف ملائمة لاختبار قوة.
فالغرب يرى أن النظام الإيراني «مرّ بتجربة قاسية»، حسب تعبير مصدر متابع، وأن النتيجة أزالت «غشاء التماسك عن لبنته»، وأظهرت الشقوق في بنيته الداخلية. ويعترف أحد المحللين بأنه حتى فترة قليلة ماضية كان من الصعب مجرد التلويح باستعمال القوة في الملف النووي الإيراني بسبب الرأي العام الغربي، إذ إن الصورة العامة التي كان يكوّنها الرأي العام عن «المسألة النووية الإيرانية» يمكن اختصارها بالرغبة في الارتقاء إلى مصاف الدول التي تملك القوة النووية. وحتى التهديدات الاستفزازية التي وجهت لإسرائيل لم تمثّل «شحنة عاطفية» قادرة على دفع الرأي العام لتأييد ضربة ضد إيران. أضف إلى ذلك أن «الممارسة الديموقراطية» في الجمهورية الإسلامية كانت تمثّل «درعاً قوية» في وجه كل الاتهامات التي يمكن سوقها تجاه طهران والفريق الحاكم.
إلّا أنه، وفقاً للمصدر نفسه، فإن الأمور تغيّرت كثيراً في الأسابيع القليلة الماضية. فقد أظهر التعامل الإعلامي «الوجه القبيح» للنظام «المعادي للديموقراطية». وأسهمت صور الاحتجاجات وعمليات القمع في «تسهيل مهمة بناء شعور متقبّل لمبدأ الضربة»، لدى الرأي العام الغربي.
أما في الجانب الإيراني، فإن أي «عملية استفزازية» موجهة من الغرب سيستفيد منها النظام ليشير إلى أن الهدف من وراء التحركات السابقة والتشكيك في الديموقراطية الإيرانية لم يكن إلا لضرب الجمهورية الإسلامية، ما يقود بطبيعة الحال إلى زيادة الالتفاف حول النظام حتى من منتقديه في الداخل.
وفي السياق، يقول دبلوماسي سابق خدم في الشرق الأوسط، إن تفاعل هذه العوامل يقود نحو حالة «كارثية متفجرة»، وإن دخول بريطانيا على الخط في واجهة الأحداث لا يجب أن يفاجئ أحداً، فهو «تثبيت سياق تاريخي للنزاع». فهي القوة المستعمرة السابقة التي تمتلك خبرات لا تضاهى في المنطقة، وبين مختلف مكوّنات المجتمع الإيراني. كذلك لا يستغرب الدبلوماسي التصلّب الذي يحيط بالدبلوماسيين البريطانيين أو العاملين في السفارة البريطانية، فهو يخدم الفريقين أيضاً، إذ إن الحكومة الإيرانية ستجهد لإبراز دور بعض المقرّبين من بريطانيا في تقديم دعم للذين نزلوا إلى شوارع طهران، بينما حجز حرية الدبلوماسيين يسهم في شد «العصبية الأوروبية»، في ظل وجود مترددين بين أعضاء الاتحاد الأوروبي يرفضون الذهاب بعيداً، ويودون «سماع رأي أوباما الأخير». إلا أن الأمور تبدو قد خرجت من التخطيط السابق، بعدما ظهرت الفرصة.
وذكر مصدر مطّلع لـ«الأخبار» أن شيئاً واحداً يمكن أن يغيّر هذا السيناريو الكارثي، وهو ضربة استباقية تعيد مرة ثانية قلب الأمور وخلط الأوراق؛ كأن تضرب إسرائيل من دون أن تشاور حلفاءها، أو أن تحرّك إيران أوراقها القوية في كل من العراق أو أفغانستان.