من المقرّر أن يكون الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد قدّم فجراً (الساعة الثالثة صباحاً بتوقيت بيروت) الخطوط العريضة لاستراتيجيته في أفغانستان، بعدما كان قد أصدر إلى قادته العسكريين أول من أمس أوامر بتنفيذها.وقبل ساعات من إعلان الرئيس الأميركي الاستراتيجية، في كلمة وجّهها إلى الشعب الأميركي من أكاديمية وست بوينت العسكرية في نيويورك، أفاد مسؤول أميركي أن أوباما سيعلن إرسال تعزيزات من ثلاثين ألف جندي إلى أفغانستان، في عملية انتشار سريعة تتدرج على ستة أشهر، غير أن وجودهم سيكون محدوداً في الزمن. ويأتي تدرّج الانتشار على فترة قصيرة، بحسب المسؤول، في إطار استراتيجية تقضي بتسريع المجهود الحربي للتصدي بسرعة للتصعيد الحالي في تحركات متمردي «طالبان»، وطمأنة الأميركيين إلى أن التزام جنودهم لن يكون إلى ما لا نهاية.
ووفقاً للتسريبات التي تناقلتها الصحف الأميركية، فإن أوباما سيسعى إلى أن يثبت لزعماء أفغانستان وباكستان المجاورة، وكذلك لحركة طالبان، أن واشنطن ملتزمة الاستقرار في المنطقة لسنوات مقبلة. وقال مسؤول رفيع المستوى، اطّلع على الاستراتيجية الجديدة، «إننا بحاجة إلى التأكد من أنّ الشعب الأفغاني مطمئن ليس فقط بالنسبة إلى الأشهر الستة المقبلة، ولكن بالنسبة إلى بقية حياته». وأضاف «هذا لا يعني أننا سنعرّض أنفسنا هناك لقتال الأشرار في السنوات الـ 20 المقبلة».
ووفقاً للتسريبات أيضاً، فإن القوات الجديدة سوف تُنشر بكثافة في مقاطعات هلمند وقندهار، التي تعدّ جزءاً من معاقل البشتون في أفغانستان، وتتركّز فيها جذور حركة «طالبان».
وتدعو الاستراتيجية الجديدة إلى مضاعفة عدد وحدات مشاة البحرية الاميركية في إقليم هلمند، لتصل إلى نحو 20 ألف جندي، ما سيمهّد الطريق للاستيلاء على مقاطعة مارجا، التي ظلت بعيدة عن متناول أفراد مشاة البحرية، الذين وصلوا إلى هلمند قبل خمسة أشهر.
وإضافة إلى تركيزه على ضرورة حماية الأفغان من حركة «طالبان»، وملاحقة تنظيم «القاعدة»، فإنه سيشدد على أهمية تدريب قوات الأمن الأفغانية لتكون قادرة على تولّي السيطرة على الأرض.
ومن غير المتوقع أن يحدّد أوباما موعداً نهائياً للانسحاب الأميركي، إلّا أن بعض المسؤولين تحدثوا عن وجود تصور لخفض تدريجي للقوات الأميركية، وتسليم مقاليد الأمور إلى القوات الأفغانية على مدى ثلاث إلى خمس سنوات.
وكان أوباما قد واصل لليوم الثاني على التوالي إطلاع عدد من زعماء دول العالم على الخطوط العريضة لاستراتجيته، فاتصل بالرئيس الأفغاني، وبحث معه على مدى ساعة الاستراتيجية الأميركية، في مؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة. كما اتصل برئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ.
وأثار حديث الإدارة الأميركية عن استراتيجية للخروج استياء الأمم المتحدة. ورأى مسؤول بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، كاي ايدي، أنه «سيكون من الخطأ الحديث عن استراتيجية للخروج». وأضاف «أعتقد أننا نتحدث عن استراتيجية انتقالية، وهو شيء مختلف تماماً».
في غضون ذلك، كشفت صحيفة «الغارديان» أمس أن الولايات المتحدة تسعى إلى بسط سيطرتها على إدارة الشؤون اليومية لأفغانستان من خلال تعيين مندوب ساميّ دولي في كابول إلى جانب الرئيس حميد قرضاي، ومجموعة اتصال دائمة في العاصمة الأفغانية لتوثيق التعاون الدولي حيال أفغانستان، بهدف التغلب على ضعف الحكومة الأفغانية وفسادها.
وقالت الصحيفة إن المبادرة الأميركية الجديدة، التي يقف وراءها المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان، ريتشارد هولبروك، أحدثت شرخاً بين واشنطن وحلفائها المقربين في منظمة حلف شماليّ الأطلسي، من الذين يعتقدون أن من شأن هذه الخطوة تقويض شرعية قرضاي ودور الأمم المتحدة في أفغانستان. ونسبت الصحيفة إلى دبلوماسي أوروبي القول «إن المبادرة الأميركية محاولة لاستعادة نفود الولايات المتحدة في صميم جهود تنسيق التعاون الدولي، بعد إجبار الدبلوماسي الأميركي بيتر غالبريت على الاستقالة من منصبه، كالرجل الثاني في بعثة الأمم المتحدة في كابول في أيلول الماضي، بسبب خلافات في السياسة مع رئيس البعثة كاي إيدي».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، يو بي آي)