جمانة فرحاتكذلك نجحت الحركة في تضييق فرص تحكّم الحكومة السودانية في عملية تنظيم الاستفتاء في الشمال إلى أضيق الحدود، خوفاً من ممارسة أي ضغوط على الناخبين أو عمليات تزوير. فالحركة أجادت استغلال ورقة الانتخابات لتصعّد من معركتها في وجه الحزب الحاكم، ملوّحة بالتحالف مع المعارضة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في نيسان المقبل، وهو ما يحاول الرئيس السوداني عمر البشير تفاديه.
فالبشير، الملاحق من المحكمة الجنائية الدولية، يدرك جيداً أن مذكرة التوقيف الصادرة بحقه لن ينتهي مفعولها مهما طال الزمن، وهو في أمسّ الحاجة إلى البقاء في السلطة للتمتع بشرعية، أقلّها محلية، وخصوصاً أن السودان مقبل، للمرة الأولى منذ 24 عاماً على انتخابات تعددية. ولذلك فإن أي تحالف بين الحركة والمعارضة في الانتخابات من شأنه أن يؤدي، في أبسط الأحوال، إلى خفض نسبة التصويت التي سيحظى بها البشير، فضلاً عن كسره لاحتكار وهيمنة الحزب الحاكم. ولذلك لم يجد حزب البشير مفراً من مهادنة الحركة وتلبية مطالبها.
وتمثّل الأسابيع القليلة المقبلة موعداً فاصلاً تتحدّد خلاله توجهات جميع الأطراف، وخصوصاً بعدما أعلنت المفوضية القومية للانتخابات مهلة عشرة أيام، تبدأ في الثاني عشر من شهر كانون الثاني الجاري، لتقديم طلبات الترشيح للانتخابات.
وفي خضمّ هذه التطورات السياسية، كان من الممكن رصد تخلي المسؤولين في الحركة الشعبية، خلال الأيام الماضية، عن الحذر في الحديث عن الرغبة الصريحة في الانفصال، متسلّحين على ما يبدو بمباركة الولايات المتحدة.
وفي السياق، أكد ممثل الحركة الشعبية في واشنطن، ازيكيل لول جاتكوث، أن الغالبية الساحقة من أبناء الجنوب لا يريدون الوحدة مع شمال السودان، ويريدون دولتهم الخاصة. قبل أن يكشف في حديث لصحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية عن تلقي الحركة سنوياً مبلغ مليار دولار من الولايات المتحدة يخصص لـ«إنشاء البنية التحتية، وتدريب رجال الأمن، وتكوين الجيش في إطار رغبة واشنطن في التأكيد على أن يصبح جنوب السودان عام 2011 دولة قادرة على الاستمرار».
وبالتزامن مع حديث لول جاتكوث، نقلت صحيفة «الرأي العام» السودانية عن مصادر رسميّة في الخرطوم تأكيدها أن المبعوث الأميركي، سكوت غريشان، أبلغ المسؤولين في الشمال خلال جولته الأخيرة توجّه الجنوب إلى الانفصال. وهو ما يبرّر أيضاً إقدام واشنطن على عقد مؤتمر خاص عن السودان الشهر المقبل، سيخصّص في معظمه لدراسة تفاصيل الانفصال.