بول الأشقربحضور دولي ضئيل، يتسلم بورفيريو «بيبي» لوبو اليوم زمام الرئاسة في هندوراس، البلد المغمور في أميركا الوسطى الذي وُضع تحت الأضواء إثر الانقلاب العسكري ـــــ المدني الذي أطاح قبل سبعة أشهر الرئيس الشرعي مانويل زيلايا، الذي سيكون خارج المشهد، إضافة إلى خصمه رئيس الأمر الواقع روبيرتو ميتشيليتي.
فميتشيليتي قرر منذ أسبوع الخروج من الصورة «لئلا أسمح بأن يشوه أيّ تفصيل عظمة الحدث»، ودخل إلى المستشفى لإجراء فحوص روتينية ليبرر «غيابه الاضطراري». أما زيلايا، الموجود في السفارة البرازيلية «لا لاجئاً، بل رئيساً شرعياً» منذ خمسة أشهر، فهو يتجهز مع عائلته ومجموعة من معاونيه للمغادرة إلى جمهورية الدومنيكان التي ستستقبله بعد اتفاق مع الرئيس لوبو.
وعمل لوبو بتشجيع من الولايات المتحدة خلال آخر شهرين لتحقيق هذا المخرج وإقرار قانون عفو لتعبيد الطريق أمام ولايته وتحضير عودة هندوراس إلى المجتمع الدولي. إلا أنّ الحضور الدولي المتواضع لا يجب أن يخفي أنّ لوبو صار الآن رئيس هندوراس الجديد والأوحد. وعدد من الدول النافذة، في مقدمتها الولايات المتحدة، سبقت واعترفت به، وهي تنتظر خروج الثنائي زيلايا ـــــ ميتشيليتي من الصورة لتطبّع الوضع، وخصوصاً أنّ لوبو وعد بتأليف حكومة وحدة وطنية. وستلي هذه الدول النافذة دول أميركا الوسطى، ومن المرجّح أن يلين الموقف الأميركي الجنوبي في اجتماع مجموعة ريو المقبل لأسباب عدّة. أولاً، لأنّه لا خيار آخر، وثانياً لأنّ لوبو يعرف أنّ هندوراس دولة محطمة اقتصادياً وسياسياً، وهو بحاجة للمصالحة في الداخل وللانفتاح على الخارج.
سيتعاطى المجتمع الدولي مع الموجود، ولوبو مع المتوافر، وزيلايا ربما تأمّل الأخطاء التي ارتكبها قبل الانقلاب وبعده. إلا أنّ الانقلابيين، وفي طليعتهم ميتشيليتي، يحتفلون في أعماقهم، وهم مقتنعون بأنّهم أدوا خدمة لـ«العالم الحر» وأنّ ما فعلوه يمثّل «نقطة تحول في حياة القارة لوقف الزحف الشيوعي».
ومن اللافت تحوّل حفل التسليم إلى محجة لكلّ اليمين الموجود خارج السلطة في الخارج، الذي بدأ يحلم بالعودة إلى هندوراس. ومن أبرز الأسباب، بقاء الطاقم الانقلابي متماسكاً حتى النهاية، وقدرة اللوبيات التي عملت معه على إقناع اليمين الأميركي بمركزية المعركة الجارية، لدرجة أنّ الكونغرس لم يوافق على تعيين الوزير المساعد لأميركا اللاتينية أرتورو فلانزويلا إلا بعدما سلّم الرئيس باراك أوباما اعترافاً غير مشروط بنتائج الانتخابات. يومها، اختفى زيلايا من المعادلة وانهار التنديد العالمي، ولم يعد مطلوباً إلا استغلال الوقت الضائع لتنظيف الصورة من شوائب الانقلاب.