هل رضخت تركيا للشروط الإسرائيلية وعادت وارتضت بما عرضته عليها تل أبيب طوال السنوات الماضية؟ كما يبدو، المصالحة في طريقها إلى التبلور، مع انتهاء المفاوضات السرية بين الجانبين، وتوقيعهما على ورقة تفاهمات أولية، تشمل تلبية كل الشروط الإسرائيلية، مع تراجع أنقرة عن شروطها.
قبل أيام، وربطاً بعزلة تركيا وتردّي علاقاتها مع كل الدول من حولها، غازل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إسرائيل ودعاها إلى المصالحة، لافتاً إلى أن «الشرق الأوسط سيكسب كثيراً من تطبيع العلاقات بين الجانبين». تلقّت إسرائيل المغازلة التركية ببرودة، خاصة أنها تتضمن شرط فك الحصار عن قطاع غزة، الأمر الذي رأت أنه مستحيل التحقق، وطرحت بدورها شروطاً على الأتراك، من ثم تبين أن أنقرة رضخت لها بالكامل، بما يشمل تخليها عن شرط فك الحصار عن الفلسطينيين، الذي غاب عن ورقة التفاهم المتفق عليها، كما أعلنت تل أبيب أمس.
خلت ورقة التفاهم الأولية من شرط أردوغان فكّ الحصار عن غزة

القناة العاشرة العبرية كشفت عن أن العلاقات بين إسرائيل وتركيا باتت أمام «تحول تاريخي»، بعد لقاء سري جمع في الأيام الأخيرة في سويسرا رئيس جهاز «الموساد» الإسرائيلي المعين حديثاً، يوسي كوهين، ومساعد وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلي أوغلو، الذي انتهى، كما كشفت القناة، بورقة تفاهم أولية حول بنود المصالحة التاريخية بين الجانبين.
وتشير القناة، كما ورد في نشرتها المسائية أمس، مع تأكيد لاحق لوسائل الإعلام العبرية، إلى البنود المتفق عليها بين الجانبين، التي تشمل: إعادة سفيري البلدين إلى أنقرة وتل أبيب، وموافقة تركيا على إلغاء الدعاوى القضائية بحق جنود وضباط الجيش الإسرائيلي ــ على خلفية الاعتداء الإسرائيلي على سفينة مرمرة عام 2010 ــ وموافقة إسرائيل على التأسيس لصندوق خيري لمتضرري سفينة مرمرة (شهداء أسطول الحرية ــ سفينة مرمرة)، إلى جانب استعداد تركيا لمنع «الأنشطة الإرهابية» (ضد إسرائيل) انطلاقاً من أراضيها، وأيضاً موافقتها على مرور أنبوب الغاز (الإسرائيلي) عبر أراضيها، ومنع المسؤول في حركة «حماس»، صالح العاروري، من الدخول والإقامة في تركيا. وأخيراً موافقة الطرفين على إجراء مداولات حول شراء تركيا للغاز الإسرائيلي.
وبعد كشف القناة العاشرة عن ورقة التفاهم، بادرت وسائل الإعلام العبرية إلى توضيح البنود واستكمالها؛ فذكرت صحيفة «هآرتس» أن عبارة منع «الأنشطة الإرهابية من الأراضي التركية، تعني أن أنقرة وافقت على الشرط الإسرائيلي بمنع حماس من النشاط في تركيا بصورة عامة، والموافقة أيضاً على طرد الناشط في الحركة، صالح العاروري، الذي تتهمه إسرائيل بتحريك وتمويل خلايا إرهابية» في الضفة المحتلة. ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى أن تل أبيب وافقت على دفع مبلغ عشرين مليون دولار لعائلات الضحايا من المواطنين الأتراك، الذين قتلوا على متن سفينة مرمرة عام 2010.
أما الإشارة الأهم، فهي خلوّ ورقة التفاهم بين الجانبين ممّا يتعلق بالشرط الأساسي لأنقرة، التي تمسكت به في السنوات الماضية، وحال طويلاً دون المصالحة، وهو فك الحصار عن قطاع غزة، بل هو الشرط الذي ورد على لسان أردوغان قبل أيام، كشرط أساسي، لتطبيع العلاقات ضمن ما ورد في بيان المغازلة لتل أبيب، الأمر الذي يعني أن إسرائيل فرضت شروطها كما هي، فيما بلعت أنقرة أحد أهم شروطها.
يذكر أن يوسي كوهين، الذي لن يتسلم منصبه في رئاسة «الموساد» إلا بعد شهر من الآن، فاوض الاتراك بصفته رئيساً لـ«مجلس الأمن القومي» في إسرائيل، فيما غابت وزارة الخارجية الإسرائيلية، كما أشارت «هآرتس»، عن مسار التفاوض، ولم يصل إلى علمها إلا من التقارير المنشورة في وسائل الإعلام.