أصبح جدار الفصل العنصري في فلسطين المحتلة، مضرب مثل لوصف جميع أنواع الجدران الظالمة في العالم. هنا مثل تركي عن جامعة تهرب من محيطها الفقير في ديار بكر عن طريق جدار
أرنست خوري
بنت جامعة ديكل الواقعة جنوب شرق محافظة ديار بكر التركية، ذات الغالبية الكرديّة، جداراً حول الأراضي التابعة لها، يرى فيه السكان المحليون نسخة تركية من ذاك الجدار الذي تبنيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة.
ونقلت صحيفة «حرييت» عن وكالة «دوغان» للأنباء أمس، تقريراً عن الموضوع، كشفت فيه أنه على الجانب الخارجي للجدار، كُتبت كلمة «فلسطين»، بينما على الطرف الداخلي منه، تمكّن متسلّلون من كتابة «ديكل إسرائيل»، في إشارة إلى أنّ الجدار يكرّس واقعاً عنصرياً بين فقراء ديار بكر وأثريائها الذين يقطنون داخل أسوار الجامعة المذكورة.
وفي شرحه لدوافع بناء الجدار، أكّد نائب الأمين العام للجامعة، مصطفى تونا، أنّ الهدف الحقيقي لبناء هذا السور، الذي يبلغ ارتفاعه 4 أمتار، هو الفصل بين الطلاب والأرجاء «الراقية» للصرح الأكاديمي، بما أنّ سكان قرية تاندوغو الفقيرة التي تستضيف كليات الجامعة، «كانوا يدخلون إلى أراضيها ويتمتعون بحديقتها».
بات القرويون ممنوعين من زيارة مقابر أقربائهم لأنّها تقع داخل أراضي الجامعة
كذلك أشار تونا إلى أنّ الأراضي التي تستغلّها كلية الزراعة تعرّضت مرات عدة للأضرار التي سبّبتها مواشي القرويين، علماً أنه، عندما بُني المجمّع الأكاديمي عام 1974، بقيت بعض مقابر أهل القرية داخل الأراضي التابعة للجامعة التي تبلغ مساحتها 27 ألف هكتاراً (الهكتار الواحد يساوي 10 آلاف متر مربع)، وهو ما يدفع بالأهالي إلى فعل المستحيل لزيارة مقابرهم رغماً عن الجدار. وأوضح تونا أنّه سبق لجامعته أن ثبّتت سلكاً من السياج حولها لمنع الحيوانات من دخول أراضيها «غير أنّ القرويين أزالوها وظلوا يدخلون»، ما دفع بالإدارة إلى اتخاذ قرار تشييد الجدار.
في المقابل، يرفض القرويون الحجّة الأمنية التي تبرّر فيها إدارة الجامعة قرارها، على اعتبار أنه «لو كان الجدار يحاكي فعلاً هموماً أمنية، لكان قد شُيّد حول الجهات الأربع للجامعة، وليس فقط حول حدود تاندوغو».
وعلّق محمد عمران شنيغيت، أحد القرويين الغاضبين من هذا الجدار ومن إدارة جامعة ديكل، على الأزمة بالقول إنه «رغم أنّ جدار برلين سقط، فإنّ صرحاً علمياً يجاورنا منذ 36 عاماً، يبني جداراً يفصل بيننا». بدوره، أشار جاره محمد بيرم إلى أنّ «رئيسَي الحكومة والجمهورية يعملان لإزالة جميع الجدران التي تفصل تركيا عن العالم، في الوقت الذي تبني فيه جامعة ديكل جداراً جديداً يكلّف مبالغ كبيرة».
على كل حال، يستعدّ أهالي القرية لرفع قضية أمام المحاكم، بما أنّهم باتوا محرومين كلياً أبسط حقوقهم، أي زيارة مقابر أقاربهم وأحبائهم التي تقع داخل حدود «جمهورية ديكل».