أحال الادعاء البريطاني ثلاثة نواب ولورد على المحكمة بتهمة الاحتيال والسرقة، بعدما اكتشفت لجنة تحقيق أنّهم استخدموا أموالاً مخصصة لتدبير منازل لهم في العاصمة لندن في وجهات أخرى
ديما شريف
لم تنتظر اللجنة المكلفة التدقيق في نفقات النواب البريطانيين انتهاء ولايتهم بعد شهرين، وقررت رفع دعاوى على أربعة منهم بتهمة الاحتيال، بعدما خدعوا ناخبيهم والدولة بمبالغ مالية صُرفت على قضايا وهمية عوض استخدامها لتدبير منزل ثانٍ لهم في العاصمة البريطانية.
القضية ليست جديدة وتعود إلى العام الماضي. حينها، قررت الحكومة البريطانية بعد زيادة المبالغ التي يصرفها أعضاء مجلسي النواب واللوردات التحقيق في الموضوع. فكلف كاتب التاج البريطاني السابق، السير توماس ليغ، التحقق من شرعية المبالغ التي طلبها 752 عضواً في المجلسين بين عامي 2004 و2008. توصل ليغ إلى وجوب إعادة مبلغ مليون وثلاثمئة ألف باوند بريطاني من 389 شخصاً ممن خضعوا للتدقيق لأنّها صرفت في غير مكانها.
منذ بدء التحقيق أعاد بعض النواب واللوردات ثمانمئة ألف باوند خوفاً من الفضيحة
ودفعت هذه الأموال كلّها لإقامة النواب واللوردات بعيداً عن منازلهم الأصلية. إذ يخصص النظام التشريعي في بريطانيا مبالغ مالية للمشرعين كي يستأجروا منازل في لندن أو يقيموا في فنادق عندما يضطرون لزيارة العاصمة أثناء انعقاد المجلس ويصبحون بعيداً عن دوائرهم الانتخابية ومنازلهم. لكن تبيّن بعد التحقيق أنّ عدداً من النواب واللوردات استخدموا المال لأغراض أخرى. وشمل تحقيق ليغ كلّ ما يتعلق بالمنازل الثانية، حتى فواتير تنظيفها وتنظيم حدائقها، ما عدا الطعام والرهونات العقارية.
وتطال القضية خصوصاً حزب «العمال»، الذي تنتمي إليه الغالبية الساحقة من المذنبين، لأنهم كانوا الغالبية في المجلس النيابي بين 2004 و2008. وستغطي هذه الفضيحة على محاولات الحزب الفوز مجدداً في الانتخابات العامة في أيار المقبل والتفوق على المحافظين المتوقع تقدمهم.
ويرى بعض المحللين أنّ حزب المحافظين الذي تورط عدد قليل جداً من نوابه ووزراء حكومة الظل الخاصة به في المسألة لن يستطيع الاستفادة كثيراً من سقوط منافسه، إذ سيتحول عدد من الناخبين إلى المستقلين أو المنتمين إلى الأحزاب الأخرى خارج ثنائية العمال والمحافظين.
واكتشف ليغ أثناء التحقيق احتيالات خطيرة قام بها ثلاثة نواب ولورد في مجلس اللوردات، ما أدى إلى اتهامهم بالسرقة والاحتيال. ويدّعي النواب الذين ينتمون إلى حزب العمال، وهم إليوت مورلي ودايفيد تشايتور وجيم ديفاين، أنّهم فوق القانون وهم يواجهون احتمال السجن لسبع سنوات إذا أدينوا. ويواجه بول وايت، المعروف باللورد هانينغفيلد، وهو عضو في مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، ست تهم احتيال وسرقة. وسيحاول النواب الثلاثة طلب الحماية البرلمانية لسجلات نفقاتهم كي لا تستخدم في المحكمة التي ستعقد في 11 آذار المقبل، ما سيطيح بالتأكيد أيّ فرصة لهم للتقدم للانتخابات العامة.
وفي تفاصيل «سرقاتهم»، طالب مورلي بثلاثين ألف باوند لدفع رهن منزله الثاني زيادة على المبلغ الحقيقي. أما تشايتور فقد استخدم إيصالات مزورة لخدمات معلوماتية. وطالب بإيجار منزلين تملك والدته أحدهما، فيما يملك هو المنزل الثاني. وزوّر ديفاين إيصالاً بقيمة 3540 باونداً لتنظيف منزله، وآخر بقيمة 5505 باوندات للحصول على قرطاسية. أما اللورد هانينغفيلد فهو متهم بتزوير إيصالات لمبالغ ادعى دفعها في فنادق، فيما اكتشف التحقيق أنّه قضى لياليه هذه في منزله.
زوّر ديفاين إيصالاً بقيمة 3540 باونداً لتنظيف منزله وآخر بقيمة 5505 باوندات للحصول على قرطاسية
وهناك احتمال أن يزيد عدد المتهمين من الآن وحتى نهاية الشهر إذا تبيّن أنّ هناك حاجة لتقديم المزيد من النواب أمام المحاكم.
ورأى البعض أنّ لحظة إعلان مدير الادعاء العام، كير ستارمر، أسماء المتهمين، كانت تاريخية، إذ لم يتهم هذا العدد من النواب البريطانيين في تاريخ بريطانيا الحديث. وفيما كانت الفضائح تنسب دائماً إلى مجلس النواب، طالت الفضيحة هذه المرة مجلس اللوردات أيضاً.
ومنذ بدء تحقيق ليغ، أعاد بعض النواب واللوردات المال خوفاً من الفضيحة، فأعيد ثمانمئة ألف باوند. وأكثر مبلغ مستحق كان على النائبة عن حزب العمال باربارا فوليت، وهو 42458 باونداً. ودفعت فوليت المال لحراسة منزلها الثاني في العاصمة وتركيب ستة خطوط هاتف وبدل تأمين على لوحاتها الفنية. واعتذرت فوليت، التي ردت حتى اليوم مبلغ 32976 باونداً، عما فعلته وقالت إنّها لم تقصد أن تخدع أحداً.
ولدى النواب واللوردات حتى الثاني والعشرين من الشهر الحالي لدفع المبالغ المستحقة عليهم، وفي حال تخلفهم عن ذلك تُحسَم من رواتبهم ومستحقاتهم الأخرى. ولا طريقة لإجبار النواب السابقين على دفع المال.
لكنّ التحقيق تعرض للعديد من الانتقادات، وخصوصاً أنّه كلف ما يزيد على مليون باوند وأنّه كان قاسياً جداً بحق النواب واللوردات وأنّه اعترض على مصاريف عادية. واستأنف البعض القرارات التي صدرت بحقه، ما خفض المبلغ إلى مليون ومئة ألف باوند. لكنّ ليغ رد بأنّ نظام احتساب النفقات في المجلسين مليء بالعيوب والأخطاء، وخصوصاً أنّه لا أحد يتأكد من صحة المعلومات التي يعطيها النواب واللوردات عن سبب حاجتهم إلى المال.
وقال ليغ إنّه لاحظ وجود ثقافة إذعان لدى موظفي المصروفات الذين لا يدققون أبداً في المبالغ التي من المفترض أنّها تذهب لتمويل المنازل الثانية للنواب.


تابع 4.2 ملايين مشاهد مقابلة رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون (الصورة) مع بيرس مورغان في برنامج المواهب البريطانية، ليل الأحد الماضي. وكشفت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أنّ براون تحدث عن وفاة طفلته جنيفر، إلى جانب اتفاق القيادة الذي توصل إليه مع سلفه طوني بلير. كذلك تطرّق إلى عائلته، وكانت زوجته جالسة مع الجماهير في الاستوديو، فبدت عيناها مغرورقتين بالدموع عندما تحدث عن ابنتهما التي توفيت بعد 10 أيام فقط على ولادتها.
(يو بي آي)