الإعلان عن إنتاج أول شحنة يورانيوم مخصّب بنسبة 20%لعبة الكر والفر بين إيران والغرب متواصلة بنفس طويل وطول أناة، حيث تنسج طهران سجادتها النوويّة على مرأى من القوى الكبرى، التي تعيش في دوامة اتخاذ «الخيار الأنجع» لثني النظام الإسلامي عن أهدافه
أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، أنه تم إنتاج أول شحنة من الوقود النووي بدرجة تخصيب 20 في المئة ووضعها تحت تصرّف المتخصصين، فيما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران ضخّت اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى أحد أجهزة الطرد المركزي في منشأة «نتانز» وسط البلاد.
وأشار نجاد، خلال احتفال جماهيري حاشد في ذكرى الثورة الإسلامية في ميدان آزادي في طهران، إلى أن بلاده قادرة على إنتاج اليورانيوم المخصّب بـ«نسبة أكثر من 80 في المئة»، لكنها لن تفعل.
وأعلن نجاد أن «رئيس منظمة الطاقة الذرية (علي أكبر صالحي) أبلغني أن الشحنة الأولى من الوقود المخصّب بنسبة 20 في المئة أُنتجت وسُلّمت إلى علمائنا»، مؤكداً أن إيران «ستضاعف قريباً ثلاث مرات إنتاجها» من اليورانيوم المخصّب بنسبة 3.5 في المئة.
وقال الرئيس الإيراني إن الرئيس الأميركي باراك «أوباما يحبط الجميع. إنه للأسف يضيّع فرصاً ولا يتحرك بطريقة صحيحة ويسير في طريق يتعارض مع مصالحه الشخصية ومصالح الشعب الأميركي، ويخدم رغبة الصهاينة».
وفي السياق، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، أن الاتفاق النووي مع الغرب بشأن تبادل اليورانيوم «لا يزال مطروحاً على الطاولة». لكنه كرّر أن التبادل يجب أن يحصل متزامناً، وعلى أرض إيرانية.
وقال التلفزيون الإيراني الحكومي إن طهران رفضت أول من أمس عرضاً أميركياً بتزويدها بالنظائر الطبية لمفاعل طهران، إذا توقّفت عن تخصيب اليورانيوم إلى درجة أعلى.
وتشكَّك المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، في أن تكون إيران قادرة على تخصيب اليورانيوم إلى درجة النقاء التي تقول إنها تستخدمها.
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، أعلن في مذكرة سرية كُشف عنها أول من أمس، أن إيران أعادت تعيير 164 جهاز طرد مركزي، وهي جزء ضئيل من آلاف أجهزة تخصيب اليورانيوم التي تملكها، وتقوم من خلالها بتخصيب اليورانيوم إلى درجة أعلى في منشأة «نتانز» التجريبية.
وكشفت مذكرة سرية لوكالة الطاقة أن إيران أبلغت المفتشين النوويين أنها ستبدأ بتخصيب اليورانيوم إلى درجة أعلى خلال أيام، بعد الانتهاء من الاستعدادات اللازمة لذلك، التي تنفذ منذ يوم الاثنين الماضي، مضيفة أن الوكالة طلبت على وجه السرعة من إيران عدم البدء قبل أن يتمكّن المفتشون من تعديل إجراءات المراقبة وتلقّي إيضاح بشأن المدة المتوقعة للبرنامج الجديد والتفاصيل الفنية.
وجاء في المذكرة أنه «يوم الأربعاء، عندما وصل مفتشو الوكالة إلى المنشأة التجريبية، أُبلغوا أن إيران بدأت بتغذية اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى شبكة أجهزة الطرد المركزي في الليلة السابقة لأغراض الاختبار».
في غضون ذلك، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين سابقين وخبراء في المجال النووي قولهم إن الصعوبات التي تواجهها إيران «قد تؤخر، ولكنها لن توقف على الأرجح»، تقدّمها باتجاه الحصول على قدرة عسكرية نووية، ما سيمنح الولايات المتحدة وحلفاءها المزيد من الوقت لممارسة الضغوط بغية التوصل إلى حلّ دبلوماسي لمسألة إيران النووية.
وذكرت أنها حصلت على مسوّدة دراسة أعدّها رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، ديفيد أولبريت، أشارت إلى أن أداء منشأة نتانز حتى نهاية عام 2009 بدا سيّئاً جداً لدرجة أنه لا يمكن استبعاد احتمال حصول عمل تخريبي فيها.
وأفادت الدراسة أن أكثر من نصف آلات تخصيب اليورانيوم في مفاعل نتانز كانت متوقفة عن العمل حتى نهاية السنة الماضية، كذلك تراجع عدد الآلات العاملة من 5 آلاف جهاز طرد مركزي في أيار الماضي إلى نحو 3900 في تشرين الثاني. وأشارت إلى أن إنتاج الآلات العاملة انخفض إلى النصف مقارنة بالمتوقع، وذلك استناداً إلى معلومات جمعتها وكالة الطاقة. وقالت الصحيفة إن «تحليلاً منفصلاً سيصدر قريباً عن اتحاد العلماء الأميركيين يناقش أداء إيران الضعيف، ويلفت إلى احتمال أن تزيد الإخفاقات من رغبة إيران في التوصل لاتفاق مع الغرب».
من جهة ثانية، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن رهانات الولايات المتحدة في ما يتعلق بمعالجة الأزمة النووية مع إيران تنطوي جميعها على مجازفات، وتمثل مراهنات على قدرة أوباما على نزع فتيل المواجهة المحتدمة، مؤكدة أنها ستكون جميعها بمثابة اختبار للمرحلة الثانية من جهود مدّ جسور الحوار مع إيران، بعد عام من وصول أوباما إلى البيت الأبيض.
وأوضحت الصحيفة أن المراهنة الأولى أمام أوباما تتمثل في كيفية إنجاز ما فشل سلفه جورج بوش الابن في إنجازه، وهو حشد التأييد العالمي لفرض مجموعة جديدة من العقوبات.
لكن هذا الأمر سبّب عقبة بالنسبة إلى الرئيس، إذ إن هذه العقوبات قد تؤدي إلى ما لا ترغب فيه واشنطن، وهو استنفار النظام الإيراني والرد بقمع حركة مناهضة للحكومة تبدو على وشك الخروج إلى الشوارع مرة أخرى.
وتتمثل المراهنة الثانية في كيفية التغلب على الصين الرافضة لفرض عقوبات إضافية على طهران.
وقالت الصحيفة إن المراهنة الثالثة هي مدى استطاعة أوباما منع إسرائيل من تنفيذ هجوم على إيران.
في هذه الأثناء، طالب وفد لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي البيت الأبيض، خلال زيارة للولايات المتحدة، بعدم إزالة الخيار العسكري تجاه إيران، وعدم الاكتفاء بفرض عقوبات اقتصادية مشددة من أجل منع تطوير البرنامج النووي الإيراني.
أمّا وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، فقد حذّر من ناحيته من أن أي هجوم عسكري على إيران سيمثّل كارثة على العالم بأسره، ودعا إيران إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.
من جهته، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، لوكالة «إيتار تاس»، أن فرض عقوبات أخرى أصبح «وارداً» بدرجة أكبر. لكنه قال أيضاً إن العقوبات ليست علاجاً حاسماً. وشكا من أن القوى الغربية تميل إلى الضغط على موسكو لتأييدها.
(مهر، إرنا، فارس، أ ب، أ ف ب، رويترز، الأخبار، يو بي آي)