يعقد وزراء داخلية دول الاتحاد الاوروبي يوم غد الثلاثاء اجتماعاً يسبق قمة لقادة دول الاتحاد يوم الاربعاء المقبل، من المنتظر أن تبت مسألة «نظام الحصص الإلزامية» لاستقبال اللاجئين. واستبقت برلين، يوم الجمعة الماضي، هذين الاجتماعين بتحذيرها من أنها قد تذهب إلى تفعيل نظام التصويت بالأغلبية في الاتحاد الأوروبي، لإجبار دول الاتحاد الرافضة لنظام الحصص، التي تقودها المجر، للانصياع للمشروع الذي تدعمه برلين وباريس.
وحذرت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، من أن مسالة اللجوء يمكن أن تصبح تحديا أوروبيا أكبر من أزمة الديون اليونانية (أو بالأحرى أكبر من أزمة تمرد اليونان على الإملاءات الأوروبية)، ودعت الى تبني دول الاتحاد نهجا متناسقا، تقرره بروكسل، يقضي بتوزيع اللاجئين على كل دولة أوروبية، لكن بدون تحديد سقف لعدد اللاجئين الذين يمكن قبولهم في أرجاء القارة.
في المقابل، قال وزير الداخلية الألماني المحافظ، ثوماس دي ميزيير، إن على الاتحاد الأوروبي أن يحدد عدد المهاجرين الذين تقبلهم دوله، ليُعاد الباقون منهم الى بلدان آمنة قريبة من مواطنهم الأصلية، خارج الإتحاد، على أن يساعد الأخير هذه الدول مادياً على تحمل العبء. وفي مقابلة مع صحيفة "شبيغل" الاسبوعية، نُشرت يوم أول من أمس، قال دي ميزيير إن الإتحاد الأوروبي «لا يستطيع قبول جميع الأشخاص الذين يفرون من مناطق النزاع أو الفقر، ويريدون المجيء إلى أوروبا أو ألمانيا»، وإن عليه وضع «طرق قانونية للهجرة»، والامتناع عن تحديد «حصص سخية» من المهاجرين الذين يمكن استيعابهم. وكان دي ميزيير قد اقترح في وقت سابق من الأسبوع الماضي تشديد قوانين اللجوء، وإعادة اللاجئين إلى أول دولة أوروبية وصلوا إليها، أي تطبيق قوانين دبلن ذات الصلة، التي أعلنت ألمانيا في آب الماضي أنها لن تطبقها على اللاجئين السوريين، كما اقترح دي ميزيير الحد من العطاءات الممنوحة لللاجئين والمهاجرين، كي لا تظل ألمانيا وجهة الأخيرين المفضلة، من بين سائر الدول الأوروبية.
وفي هذه الأثناء، تتصاعد الخلافات بين كرواتيا والمجر وسلوفينيا حول كيفية استيعاب موجة اللاجئين الساعين للمرور بهذه الدول، في طريقهم إلى غرب وشمال أوروبا. وأعلنت المجر يوم أول من أمس إنجاز سياج شائك على طول حدودها مع كرواتيا (العضو في الاتحاد الاوروبي). وأعلن الناطق باسم وزارة الدفاع المجرية، اتيلا كوفاتس، أن العمل على نصب السياج، الذي يمتد على طول 41 كيلومتراً من الحدود البرية، قد انتهى ليل الجمعة ــ السبت الماضي، علماً أن بقية الحدود مع كرواتيا، والممتدة على طول 330 كيلومتراً، يحددها نهر «درافا» الذي يصعب على اللاجئين اجتيازه. وكانت المجر قد أقامت سياجاً مماثلاً على طول حدودها مع صربيا، وأصدرت قوانين تعاقب من يتخطى السياج بالسجن لمدة قد تصل إلى 5 سنوات.
وبعدما دفعت الإجراءات المجرية اللاجئين إلى الالتفاف عبر كرواتيا، أعلنت الأخيرة يوم الجمعة الماضي إلغاءها سياسة الأبواب المفتوحة، وذلك بعدما تدفقت إلى أراضيها أعداد كبيرة من المهاجرين، تقول زغرب إنها فاقت طاقتها على الاستيعاب. وأعلنت كرواتيا السبت أنها ستواصل نقل اللاجئين إلى الحدود مع المجر، برغم إعلان الأخيرة إنجاز السياج الشائك ورفضها استقبال المزيد من اللاجئين. وأعلن رئيس الوزراء الكرواتي، زوران ميلانوفيتش، يوم السبت الماضي، أن بلاده «لم تبرم أي اتفاق مع المجر حول مسألة المهاجرين»، وأنها «أجبرت» السلطات المجرية على قبول اللاجئين، عبر الاستمرار في نقل الأخيرين إلى الحدود، مؤكداً أن حكومته «ستواصل فعل ذلك». وكانت كرواتيا قد ذكرت أنها نقلت آلاف المهاجرين، بسيارات او حافلات او قطارات، إلى حدود المجر التي تتهم السلطات الكرواتية بتشجيع اللاجئين على التسلل عبر حدودها.

شهدت الحدود الكرواتية ــ المجرية «حادثاً حدودياً لا مثيل له»
وكان التوتر بين البلدين قد وصل ذروته في نهاية الأسبوع، عندما وصل قطار يقل 800 مهاجر، بمواكبة 40 شرطيا كرواتيا مسلحا، إلى داخل الأراضي المجرية. ووصف المستشار في الحكومة المجرية، غيورغي باكوندي، دخول رجال الأمن الكرواتيين أراضي بلاده بأنه «حادث حدودي لا مثيل له». وذكرت صحف كرواتية أن الشرطيين المذكورين أوقفوا لفترة قصيرة، وجُردوا من أسلحتهم، لكن زغرب نفت ذلك. وقال رئيس الوزراء الكرواتي، زوران ميلانوفيتش، أول من أمس إن «المشكلة الخطيرة» تكمن في تركيا واليونان، اللتين ينطلق منهما المهاجرون إلى أوروبا الغربية، مروراً عبر البلقان. و«تفيد تقديرات بأن ما بين 75 و80% من المهاجرين يدخلون عبر الجزر اليونانية... لينقلهم مهربون بزوارق مطاطية في رحلة قصيرة يمكن منعها، لكن اليونان تتعمد الامتناع عن القيام بذلك»، أفاد ميلانوفيتش، قائلاً إن «كرواتيا لن تصبح مركز اللاجئين في أوروبا». وذلك فيما صرحت سفيرة سلوفينيا في ألمانيا، مارتا كوس ماركون أن بلادها مستعدة لاستقبال آلاف المهاجرين، إذا تقدم الأخيرون بطلبات لجوء إليها. وقالت السفيرة، «عندما يتقدم اللاجئون بطلب للجوء إلينا، نستقبلهم ونحميهم. لدينا قدرات لتحقيق ذلك، ويمكننا استقبال حتى 10 آلاف منهم».
وفي السياق نفسه، تحدث المسؤول عن ملف توسعة الاتحاد الأوروبي، يوهانز هان، أول من أمس، عن خطط لدى الاتحاد لتشجيع السوريين الفارين من الحرب في بلادهم على البقاء في الدول المحاذية لسوريا، بدلا من الانضمام الى قوافل المهاجرين إلى أوروبا. وفي زيارة لمركز لاستقبال المهاجرين على الحدود المقدونية، قال هان إن «الأمر الأكثر أهمية هو مساعدة الدول في المنطقة على استيعاب الوضع»، كاشفاً عن تمويل سيُخصص لتركيا، قد يصل إلى مليار يورو (1.13 مليار دولار)، بهدف «إعطاء (اللاجئين) فرصة للبقاء في المنطقة، من أجل العودة إلى منطقتهم وبلدانهم بالسرعة الممكنة».

(الأخبار، أ ف ب)