واشنطن ــ محمد سعيدحذّرت مجموعة كبيرة من الناشطين السياسيين والحقوقين والأكاديميين من مغبّة تمرير الكونغرس الأميركي مشروع قانون يدعو إلى فرض عقوبات على القنوات الفضائية العربية، بزعم أنها تحرّض على معاداة الولايات المتحدة والعنف ضدها، وهو ما يقول واضعو مشروع القانون رقم 2278 إنه يمثّل تهديداً للأمن القومي الأميركي.
ونظّم «مركز الدراسات العربية والأميركية» في واشنطن ندوة أخيراً بعنوان «نعم نستطيع وقف الرقابة على الإعلام»، دعا فيها إلى وقفة عربية أميركية ضد مصادرة الكونغرس الأميركي حرية الإعلام العربي. وتحدّث في الندوة التي أقيمت في نادي الصحافة القومي، دبلوماسيون وسياسيون وحقوقيون وناشطون أجمعوا على ضرورة العمل لمنع صدور قانون أميركي يقيّد حرية الإعلام العربي.
وقال ممثل جامعة الدول العربية في واشنطن والخبير في القانون الدولي، السفير حسين حسونة، إن مشروع القانون 2278 يعدّ سابقة خطيرة لأنه يوسّع سلطة الكونغرس، من سنّ تشريعات خاصة بما يجري في الولايات المتحدة إلى إصدار تشريع يتناول شؤوناً داخلية في الدول العربية.
وحذّر حسونة من العواقب الوخيمة التي ستترتّب على العلاقات الأميركية ـ العربية في حال تمرير مشروع القانون، مشيراً إلى أن مجلس السفراء العرب في واشنطن وافق على خطة للتحرك ضد مشروع القانون بالاتصال مع أعضاء مجلس الشيوخ والمسؤولين الأميركيين. وألّفوا لجنة ثلاثيّة تضمّ رئيس المجلس الحالي السفير السعودي عادل الجبير، إلى جانب السفيرين اللبناني والقطري وممثل جامعة الدول العربية.
ورأى مدير مركز الدراسات، منذر سليمان، أن مشروع قانون 2278 جاء بعدما عجزت أجهزة الاستخبارات الأميركية عن تقديم دليل واحد يثبت أن قناة «المنار»، التي ألصقت بها تهمة الإرهاب في كانون الثاني 2004، تورّطت في أي نشاط إرهابي.
بدوره، رأى وزير العدل الأميركي الأسبق، رمزي كلارك، في مداخلته أن مشروع القانون يلحق الضرر بالأميركيين لأنه يقطع عنهم مصدراً للمعلومات ويحرمهم من آراء قد تخالف نهج الحكومة الأميركية.
وتعهّد كلارك بمناقشة مشروع القانون مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري، ومحاولة إقناعه بعدم تبنّي اللجنة للمشروع الذي قال إنه يسيء إلى صورة الولايات المتحدة وعلاقاتها بالدول العربية.
وفي معرض تناولها لمشروع القانون، أعادت المحامية مارا فيردن هليارد، من «منظمة الشراكة من أجل العدالة الاجتماعية»، المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية، التذكير بالسهولة والسرعة التي مرّر بها أعضاء الكونغرس الأميركي قانون الوطنية الأميركي (لمكافحة الإرهاب) وكيف أنهم أقرّوا بعد ذلك بأنهم لم يقرأوه ولم يناقشوه. وهو نفس ما حدث مع مشروع قانون الرقابة على القنوات الفضائية العربية، منبّهة إلى خطورة تمريره في مجلس الشيوخ.
وأشارت مارا فيردين إلى المعايير المزدوجة التي تمارسها الولايات المتحدة. ورأت أن ما تقوم به الإدارة الأميركية ومشروع القانون هما امتداد لـ«الإمبريالية الأميركية حول العالم» ويمثّلان قمعاً لحرية الصحافة في العالم.
وقدّم أستاذ العلاقات الدولية، في جامعة بيتسبيرغ الأميركية، مايكل برينر، تحليلاً مكتوباً إلى الندوة بيّن فيه سلبيّات مشروع القانون. وقال «إن من شأن مشروع القانون في حال إقراره أن يسهم في إعاقة حرية الصحافة والإعلام في العالم العربي، وتشويه صورة الولايات المتحدة التي تدعو إلى حرية التعبير والتحول الديموقراطي، بينما تحاول فرض رقابة على الإعلام خارج أراضيها لتتحكم في ما يجب أن يشاهده العرب على شاشات التلفزة في بلادهم!».
أما رئيس الجمعية الإسلامية الأميركية للحرية، مهدي بريي، فدعا إلى ضرورة التحرك على المستوى الشعبي لمعارضة نقل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ باعتباره يتناقض مع المبادئ الأميركية ويسيء إلى سمعة الولايات المتحدة.
وأعربت منظمة «مراسلون بلاد حدود» عن معارضتها لمشروع القانون بوصفه مصادرة لحرية الصحافة. وقالت ممثلة المنظمة في واشنطن، كلوتيل دي لوكوز، «من المفارقات العجيبة أن تدعو دولة مثل الولايات المتحدة، التي ترفع لواء الحرية والديموقراطية، إلى فرض رقابة على الإعلام في العالم العربي، في وقت تطالب فيه فرنسا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على إيران لأنها تشوش على إذاعات غربية مثل هيئة الإذاعة البريطانية وإذاعة صوت أميركا والإذاعة الألمانية».
يذكر أن مشروع القانون 2278 الذي قدمه اثنان من أبرز الأعضاء الموالين لإسرائيل في مجلس النواب الأميركي، غوس بيليراكيس وإيلينا روس ليتينين يطالب باتخاذ إجراءات عقابية، من بينها فرض عقوبات اقتصادية بحقّ شركتي الأقمار الصناعية «نايل سات» و«عرب سات» لسماحهما للفضائيات العربية المتهمة بمعاداة الولايات المتحدة باستخدام القمرين للبث. كذلك يحثّ مشروع القانون على أن تربط الولايات المتحدة علاقاتها والمساعدات المالية لدول في المنطقة بمراقبة وسائل إعلامها.
وكانت وزارة المال الأميركية قد أدرجت في وقت سابق من الشهر الجاري فضائية قناة «الأقصى» الفلسطينية، التي يشملها مشروع القانون، على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية. فيما القنوات الفضائيّة الأخرى التي يستهدفها مشروع القانون استهدافاً مباشراً هي قناة «المنار» التابعة لحزب الله والزوراء» و«الرافدين» العراقية.