دام عمل السفير التركي لدى إسرائيل، أحمد أوغز تشليك كول، أقل من 4 أشهر. قرّرت أنقرة استبداله بسفير آخر، ما فتح السجال لمعرفة ما إذا كان القرار عقاباً للرجل الذي أهانت إسرائيل تركيا من خلاله
أرنست خوري
وقّع الرئيس التركي عبد الله غول، قبل يومين، مرسوم تعيين 17 سفيراً جديداً لبلاده في عواصم العالم. بعدها، رفع وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو سمّاعة هاتفه وأبلغ المعنيين بالقرار، ليفتح باباً واسعاً أمام التساؤلات والتأويلات بشأن استبدال سفير واحد من بين هؤلاء: رئيس الدبلوماسية التركية لدى إسرائيل، أحمد أوغز تشليك كول، الذي احتلّ صدارة الأنباء العالمية، إثر إهانته في تل أبيب في مطلع العام الجاري، من نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون.
تشليك كول سيعود إلى أنقرة، وسيحلّ مكانه كريم أوراس، الدبلوماسي الشاب، أحد مسؤولي الملف القبرصي، الذي سيكون عليه تأدية دور السفير للمرة الأولى في حياته المهنية، في أحد أكثر الأماكن حساسية بالنسبة إلى تركيا.
وثارت التخمينات حول استبدال تشليك كول. منها من رأى أنّ تغييره هو ترجمة لطلب شخصي من الرجل الذي عبّر، غداة الإهانة التي تلقّاها على يد أيالون في 12 كانون الثاني الماضي، عن عدم رغبته بمواصلة عمله في تل أبيب، نتيجة سوء المعاملة التي تعرّض لها، رغم أنه لم يكن قد أمضى أكثر من أسبوعين في منصبه الدبلوماسي الجديد حين تعرض للإهانة. لكن رأياً آخراً رأى متبنّوه أنّ قرار إعادة تشليك كول إلى أنقرة، هو بمثابة عقاب له «بما أنه لم يكن على قدر المسؤولية» عندما تعرض للإهانة. وبالنسبة إلى عدد كبير من السياسيين الأتراك، فإنّ عبارة «لم يكن على قدر المسؤولية»، تعني أنّه لم يكن مسموحاً للرجل بأن يذهب لمقابلة مسؤول حكومي أجنبي لا يعرف لغته من دون مترجم، بما أنّه لا يعرف العبرية، «كي لا يبقى جالساً يضحك للكاميرات وهو يتعرض للاهانات والشتائم».
السفير التركي لدى بيروت يعود إلى أنقرة أميناً عاماً لمجلس الأمن الوطني
وفي السياق، قال السفير المتقاعد ياليم إرالب إنه «إذا لم يُعتمَد تشليك كول في عاصمة جديدة، فمعنى الأمر أنه عُوقب بوضعه في ملاك وزارة الخارجية». يُذكَر أنّ هذه الوزارة سرّبت للإعلام الحكومي، فور اندلاع الأزمة الدبلوماسية مع تل أبيب مطلع العام الجاري، أنّ في نيتها تعيين السفير في عاصمة جديدة، قبل أن ينفي كل من تشليك كول ووزارة الخارجية هذا النبأ.
في الإطار ذاته، بعدما أثنى السفير المتقاعد أيضاً أوزردم سانبرك، على نجاح المسيرة الدبلوماسية لتشليك كول، وخصوصاً عندما كان سفيراً في أثينا، فإنه رجّح أن يكون معنى عدم تعيينه في عاصمة جديدة «بمثابة عقاب له»، من دون أن يغفل احتمال أن يكون السفير قد طلب تنحيته عن مهماته وإعادته إلى أنقرة، وخصوصاً أنه اقترب من سنّ التقاعد.
وأمام هذه التخمينات التي نقلتها صحف المعارضة التركية، وتحديداً «حرييت»، سارعت مصادر وزارة الخارجية إلى التأكيد للصحيفة الأقرب إلى الحزب الحاكم، «توداي زمان»، أنّ «تشليك كول قد يُعيَّن في منصب جديد في المرسوم المقبل»، جازمة بأنّ الحكومة «تقدّره كل التقدير».
إلا أنّ استبدال تشليك كول، على أهميته نظراً لتوقيته وظروفه وتفسيراته المختلفة، لم يحجب الاهتمام عن مضامين أخرى وردت في المرسوم الجمهوري، أبرزها إعادة السفير لدى لبنان، سردار كليش، إلى بلاده، ليتسلّم منصبه الجديد الفائق الأهمية، وهو الأمين العام لمجلس الأمن الوطني، وتسمية بديل عنه هو نائب مدير الشؤون الأمنية في وزارة الخارجية، إنان أويلديز.
كذلك فإنّ مرسوم غول حمل ملامح عقاب آخر بحق السفير لدى إيطاليا علي ياكيتال، المتّهم بممارسة التحرّش الجنسي في روما، وأغلب الظنّ أنّ استبداله جاء بمثابة الإقالة لطي صفحة الفضائح التي أثارها الرجل في العاصمة الإيطالية، واستُبدل بحسين دريوز، الذي كان متوقعاً أن يُرسَل إلى بروكسل ليكون نائب الأمين العام لمنظمة حلف شماليّ الأطلسي أندرس فوغ راسموسن.